بدایة والنهایة

ابن کثیر دمشقی؛ محقق: علی شیری

جلد 14 -صفحه : 367/ 246
نمايش فراداده

شهر المحرم أوله السبت استهل و الحصار واقع بقلعة الكرك ، و أما البلد فأخذ و استنيب فيه الامير سيف الدين قبليه ، قدم إليها من الديار المصرية ، و التجار يد من الديار المصرية و من دمشق محيطون بالقلعة ، و الناصر أحمد بن الناصر ممتنع من التسليم ، و من الاجابة إلى الانابة .

و من الدخول في طاعة أخيه ، و قد تفاقمت الامور و طالت الحروب ، و قتل خلق كثير بسبب ذلك ، من الجيوش و من أهل الكرك ، و قد توجهت القضيه إلى خير إن شاء الله .

و قبل ذلك بأيام يسيرة هرب من قلعة الكرك الامير سيف الدين أبو بكر بن بها در آص الذي كان أسر في أوائل حصار الكرك ، و جماعة من مماليك الناصر أحمد ، كان اتهمهم بقتل الشهيب أحمد ، الذي كان يعتني به و يحبه ، و استبشر الجيوش بنزول أبي بكر من عنده و سلامته من يده ، و جهز إلى الديار المصرية معظما ، و هذا و المجانيق الثلاثة مسلطة على القلعة من البلد تضرب عليها ليلا و نهارا ، و تدمر في بنائها من داخل ، فإن سورها لا يؤثر فيه شيء بالكلية ، ثم ذكر أن الحصار فتر و لكن مع الاحتياط على أن لا يدخل إلى القعلة ميرة و لا شيء مما يستعينون به على المقام فيها ، فالله المسؤول أن يحسن العاقبة .و في يوم الاربعاء الخامس و العشرين من صفر قدم البريد مسرعا من الكرك فأخبر بفتح القلعة ، و أن بابها أحرق ، و أن جماعة الامير أحمد بن الناصر استغاثوا بالامان ، و خرج أحمد مقيدا و سير على البريد إلى الديار المصرية ، و ذلك يوم الاثنين بعد الظهر الثالث و العشرين ( 1 ) من هذا الشهر ، و لله عاقبة الامور و في صبيحة يوم الجمعة رابع ربيع الاول دقت البشائر بالقلعة ، و زينت البلد عن مرسوم السلطان الملك الصالح سرورا بفتح البلد ، و اجتماع الكلمة عليه ، و استمرت الزينة إلى يوم الاثنين سابعه ، فرسم برفعها بعد الظهر فتشوش كثير من العوام ، و أرجف بعض الناس بأن أحمد قد ظهر أمره و بايعه الامراء الذين هم عنده ، و ليس لذلك حقيقة ، و دخلت الا طلاب من الكرك صبيحة يوم الاحد ثالث عشر ربيع الاول بالطبلخانات و الجيوش ، و اشتهر إعدام أحمد بن الناصر ( 2 ) .و في يوم الجمعة حادي عشر ربيع الاول صلي بالجامع الاموي على الشيخ أمين ( 3 ) الدين أبي حيان النحوي ، شيخ البلاد المصرية من مدة طويلة ، و كانت وفاته بمصر عن تسعين سنة و خمسة

1 - في السلوك 2 / 661 : ثاني عشرين صفر ، و في بدائع الزهور 1 / 503 : ثاني عشرين ذي الحجة .

2 - في السلوك 2 / 662 والنجوم الزاهرة 10 / 93 : كان ذلك ليلة الرابع من ربيع الاول سنة 745 ه و في تأريخ الشجاعي ص 269 و ما بعدها : " خنق ليلة السبت سادس ربيع الاول و قطع رأسه و أحضرت لاخيه الصالح و دفنت جثته تحت برج الحرص " : و كان الامير منجك - سيف الدين منجك بن عبد الله اليوسفي الناصري المتوفى سنة 776 - قد توجه إليه إلى الكرك دون علم الامراء فوصل إلى الكرك فدخل على الناصر أحمد و خنقه و قطع رأسه - كما في رواية السلوك ، أما في بدائع الزهور 1 / 503 فقد كان ذهاب الامير منجك بطلب السلطان و أمره .

3 - في السلوك 2 / 676 و شذرات الذهب 6 / 145 : أثير الدين .و هو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الاندلسي الغرناطي النفزي ( نفزة إحدى قبائل البربر ) .