بدایة والنهایة

ابن کثیر دمشقی؛ محقق: علی شیری

جلد 14 -صفحه : 367/ 337
نمايش فراداده

اعجوبة أخرى غريبة

طلب قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب ابن السيكي الشافعي إلى الديار المصرية

بعزل ( 1 ) الامير علي عن نيابة دمشق ، فأحضر الامراء إلى دار السعادة و قرئ المرسوم الشريف عليهم بحضوره ، و خلع عليه خلعة وردت مع البريد ، و رسم له بقرية دومة و أخرى في بلاد طرابلس على سبيل الراتب ، و أن يكون في أي البلاد شاء من دمشق أو القدس أو الحجاز ، فانتقل من يومه من دار السعادة و بباقي أصحابه و مماليكه ، و استقر نزوله في دار الخليلي بالقصاعين التي جددها و زاد فيها دويداره يلبغا ، و هي دار هائلة ، و راح الناس للتأسف عليه و الحزن له انتهى .

طلب قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي الشافعي إلى الديار المصرية ورد البريد بطلبه من آخر نهار الاحد بعد العصر الحادي عشر من شعبان سنة ثلاث و ستين و سبعمأة ، فأرسل إليه حاجب الحجاب قماري و هو نائب الغيبة أن يسافر من يومه ، فاستنظرهم إلى الغد فأمهل ، و قد ورد الخبر بولاية أخيه الشيخ بهاء الدين بن السبكي بقضاء الشام عوضا عن أخيه تاج الدين ، و أرسل يستنيب ابن أختهما قاضي القضاة تاج الدين في التأهب و السير ، و جاء الناس إليه ليودعوه و يستوحشون له ، و ركب من بستانه بعد العصر يوم الاثنين ثاني عشر شعبان ، متوجها على البريد إلى الديار المصرية ، و بين يديه قضاة القضاء و الاعيان ، حتى قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي ، حتى ردهم قريبا من الجسورة و منهم من جاوزها و الله المسؤول في حسن الخاتمة في الدنيا و الآخرة ، انتهى و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب .

أعجوبة أخرى غريبة لما كان يوم الثلاثاء العشرين من شعبان دعيت إلى بستان الشيخ العلامة كمال الدين بن الشريشي شيخ الشافعية و حضر جماعة من الاعيان منهم الشيخ العلامة شمس الدين بن الموصلي الشافعي ، و الشيخ الامام العلامة صلاح الدين الصفدي ، وكيل بيت المال ، و الشيخ الامام العلامة شمس الدين الموصلي الشافعي ، و الشيخ الامام العلامة مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازي من ذرية الشيخ أبي إسحق الفيروزآبادي ، من أئمة اللغويين ، و الخطيب الامام العلامة صدر الدين بن العز الحنفي أحد البلغاء الفضلاء ، و الشيخ الامام العلامة نور الدين علي بن الصارم أحد القراء المحدثين البلغاء ، و أحضروا نيفا و أربعين مجلدا من كتاب المنتهى في اللغة للتميمي البرمكي ، وقف الناصرية و حضر ولد الشيخ كمال الدين بن الشريشي ، و هو العلامة بدر الدين محمد ، و اجتمعنا كلنا عليه ، و أخذ كل منا مجلدا بيده من تلك المجلدات ، ثم أخذنا نسأله عن بيوت الشعر المستشهد عليها بها ، فينشر كلا منها و يتكلم عليه بكلام مبين مفيد ، فجزم الحاضرون و السامعون أنه يحفظ جميع شواهد اللغة و لا يشذ عنه منها إلا القليل الشاذ ، و هذا من أعجب العجائب ، و أبلغ الاعراب .

1 - في بدائع الزهور 1 / 588 قال انه لم يعزل بل طلب استعفاءه منها .