بحوث فی الملل والنحل

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 4 -صفحه : 409/ 218
نمايش فراداده

وأخيراً نرى أنّ المسلمين يقيمون الصلاة طيلة أربعة عشر قرناً عند قبر النبي والخليفتين، من دون أن يختلج ببال أحد من أنّ إقامة الصلاة عند القبور حرام أو مكروه .

كيف، ولو كان مكروهاً أو حراماً لما أوصى الإمام الحسن بن علي بدفن جسده المطهر عند قبر جده المصطفى ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حتّى حالت بنو أُمية دون إنفاذ وصيته .

هذه الوجوه العشرة كافية لمن أراد اتباع الحق، ولا أظنّ أنّ المنصف المتحرّي للحقيقة ـ إذا تجرّد عن الهوى ـ ينبذ هذه الأدلة وراء ظهره .

* * *

وفي الختام نذكر حكم الإضاءة عند القبور، فربّما يحكم بالحرمة لما رواه النسائي عن ابن عباس أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لعن زائرات القبور والمتّخذين عليها المساجد والسرج(1) .

إنّ هذا الحديث وأمثاله يهدف إلى ما إذا كانت الإضاءة تبذيراً للمال، أو تشبّهاً ببعض الأُمم والشعوب، وإلاّ فالإضاءة إذا كانت لغاية قراءة القرآن والدعاء لا تكون محرمة .

بل يقول العلامة السندي في شرحه على الحديث: «والنهي عنه لأنّه تضييع مال بلا نفع»(2) .

أضف إلى ما في الحديث من لعن زائرات القبور، مع أنّ عائشة زارت البقيع مع النبي، وقد علّمها كيفية الزيارة كما تقدم حديثه .

1 . السنن للنسائي ج 3 ص 77 .

2 . السنن للنسائي ج 3 ص 77 طبع مصر وج 4 ص 95 طبع بيروت شرح الجامع الصغير ج 2 ص 198 .