وأخيراً نرى أنّ المسلمين يقيمون الصلاة طيلة أربعة عشر قرناً عند قبر النبي والخليفتين، من دون أن يختلج ببال أحد من أنّ إقامة الصلاة عند القبور حرام أو مكروه .
كيف، ولو كان مكروهاً أو حراماً لما أوصى الإمام الحسن بن علي بدفن جسده المطهر عند قبر جده المصطفى ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ حتّى حالت بنو أُمية دون إنفاذ وصيته .
هذه الوجوه العشرة كافية لمن أراد اتباع الحق، ولا أظنّ أنّ المنصف المتحرّي للحقيقة ـ إذا تجرّد عن الهوى ـ ينبذ هذه الأدلة وراء ظهره .
* * *
وفي الختام نذكر حكم الإضاءة عند القبور، فربّما يحكم بالحرمة لما رواه النسائي عن ابن عباس أنّ رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ لعن زائرات القبور والمتّخذين عليها المساجد والسرج(1) .
إنّ هذا الحديث وأمثاله يهدف إلى ما إذا كانت الإضاءة تبذيراً للمال، أو تشبّهاً ببعض الأُمم والشعوب، وإلاّ فالإضاءة إذا كانت لغاية قراءة القرآن والدعاء لا تكون محرمة .
بل يقول العلامة السندي في شرحه على الحديث: «والنهي عنه لأنّه تضييع مال بلا نفع»(2) .
أضف إلى ما في الحديث من لعن زائرات القبور، مع أنّ عائشة زارت البقيع مع النبي، وقد علّمها كيفية الزيارة كما تقدم حديثه .
1 . السنن للنسائي ج 3 ص 77 . 2 . السنن للنسائي ج 3 ص 77 طبع مصر وج 4 ص 95 طبع بيروت شرح الجامع الصغير ج 2 ص 198 .