بكى بشدّة، في الوقت الذي حدث كسوف للشمس، فذهب المولعون بالخرافات على عادتهم إلى ربط هذه الظاهرة بموت إبراهيم، على أنّه دليل على عظمة المصاب، فقالوا: انكسَفَت الشمس لموت إبراهيم ابنِ رسول اللّه «صلى الله عليه وآله وسلم» ، إلاّ أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) صعد المنبر فقال: «أيّها النّاس إنّالشمسَ والقمر آيتان من آيات اللّه يَجريان بأمره ومطيعان له لا ينكسفان لموتِ أحد ولا لحياته، فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا».
ثمّ نزل فصلّى صلاة الكسوف وهي صلاة الآيات.(1)
الحالة الاجتماعية في إيران الساسانية
يذكر الشاعر الفارسي: الفردوسي قصة وقعت في العهد الذهبي للدولة الساسانية، تتناول التعليم، وخاصّة ما يتعلّق بتعليم الفقراء و حرمانهم من اكتساب الثقافة، فقد وصل الحال السيّء للدولة أن رغبت في أموال كثيرة تكفي نفقات الحروب المستمرة، لاِعداد 300 ألف مقاتل، فاستدعى الملك أنوشروان وزيره بزرجمهر يطلب مساعدته في توفير المال اللازم، فاقترح عليه بتحصيلها عن طريق القروض الشعبية، فأرسل مندوبيه إلى المدن الاِيرانية لتحصيل المال اللازم من التجار وأصحاب الثروة، وظهر من بينهم رجل حذّاء أبدى استعداده لتحمّل نفقات الجيش بمفرده، بشرط السماح لولده بتحصيل العلم، إلاّ أنّ الملك غضب على الوزير ونهره قائلاً: دع هذا، ما أسوأ ما تطلبه، إنّ هذا لا يكون، لاَنّ ابن الحذّاء بخروجه من وضعه الطبقي يهدم التقليد الطبقي المتَّبع فينفرط عقد الدولة، ويكون ضررُ هذا المال علينا أكثر من نفعه، وشرّه أكثر من خيره.
1. بحار الاَنوار: 91|155. ويستمر الفردوسي في شرحه لهذا الوضع عن لسان أنوشروان: إذا أصبح
ابن الحذّاء عالماً وكاتباً، فإنّه عندما يجلس ولدُنا في الحكم واحتاج إلى كاتب فإنّه
سيضطر إلى تعيين ذلك الولد، وهو من عامة الشعب ومن أبناء الطبقة الدنيا، في
حين جرت العادة أن نستعين بأبناء الاَشراف والنبلاء. وإذا حصل هذا الحذّاء على
العلم والمعرفة حصل على عيون بصيرة، وآذان سميعة، فيرى ما يجب ألاّ
يراه،ويسمع ما يجب ألاّ يسمعه، فتحدث الحسرة والاَسف لاَبناء الملوك بعدئذ!! وبذا فإنّ الملك رفَضَ طلبه وأعاد ماله إليه. وهذا الملك هو ما يصفه
البعض بالعدل «أنوشروان العادل»مع أنّه لم يحل المشكلة الثقافية في مجتمعه،
كما ذكر عنه، أنّه دفن في القبور أحياء ما يقرب من 80 ألفاً ومائة ألف فرد، خلال
فتنة مزدك، التي اندلعت بسبب الظلم الاجتماعي والتمايز الطبقي واحتكار
الثروات والمناصب، وحرمان أكثرية الشعب من حقوقها الاَوّلية. ومن هنا يظهر بطلان الحديث المروي عن النبي «صلى الله عليه وآله
وسلم» :«وُلدتُ في زمن الملك العادل أنو شروان». وقد ذُكر الكثير عن البذخ والترف في البلاط الساساني، من كثرة
المجوهرات والاَشياء الثمينة والرسوم، سَحرت العيون وخلبت الاَلباب. وممّا
اشتهر منها، سجادة بيضاء كبيرة فرشت في إحدى الصالات، واسمها: بهارستان
كسرى، إذاجلسوا عليها وقت الشراب وتعاطي الخمر، فكأنّهم كانوا جالسين في
حدائق ورياض. صنعت أرضيتها من الذهب و وشيها بفصوص وجواهر وحرير،
وكانت 60*60 ذراعاً، وقيل 150*70 ذراعاً، ومنسوجة من خيوط الذهب
والمجوهرات الغالية!! وممّا قيل عن كسرى خسرو برويز، أنّه جمع الاَموال مالم يجمع مثله من