مصادر الفقه الإسلامی و منابعه

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 457/ 291
نمايش فراداده

وجود المخالفة بين الصحابة

الدليل الثاني

قد ذكر ابن القيم في الوجه الرابع والاَربعين ما هذا لفظه: انّ النبي - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - قال: «لا تزال طائفة من أُمّتي ظاهرين بالحق».

وقال علي ـ كرم اللّه وجهه ـ: «لا تخلو الاَرضُ من قائم للّه بحجّة، لئلاّ تبطل حججُ اللّه وبيناته» فلو جاز أن يخطىَ الصحابي في حكم ولا يكون في ذلك العصر ناطق بالصواب في ذلك الحكم لم يكن في الاَُمّة قائم بالحقّ في ذلك الحكم، لاَنّهم بين ساكت ومخطىَ، ولم يكن في الاَرض قائم للّه بحجّة في ذلك الاَمر، ولا من يأمر فيه بمعروف أو ينهى فيه عن منكر.(1)

أقول: أمّا الحديث الاَوّل فيدلّ على وجود طائفة ظاهرين بالحقّ من أُمّته، ولكن من أين نعلم أنّهم هم الصحابة؟ فانّ الاَخبار عن الكبرى لا تثبت الصغرى، أي كون القائمين بالحقّهم الصحابة، فليكن القائمون هم التابعون لهم بإحسان.

وأمّا الحديث الثاني فيدلّ على وجود القائم بالحقّ بين الاَُمّة في كلّ الاَزمنة والاَعصار لا الناطق بالحقّ، وشتان ما بين القائم بالحقّ والناطق بالحقّ ، والقائم بالحقّ بطبيعة الحال يكون ناطقاً، ولكن ربما يكون مضطراً إلى السكوت خوفاً من حكّام الجور، فلا يكون سكوت الاَُمّة دليلاً على إصابة الصحابي الناطق وكونه القائم بالحقّ.

وجود المخالفة بين الصحابة

إنّ تاريخ التشريع حافل بنماذج كثيرة من مخالفة صحابي لصحابي آخر

1. اعلام الموقعين:4|150، فصل جواز الاَخذ بفتاوى الصحابة.