هذه الرواية وأمثالها تعج بها كتب الصحاح والمسانيد، وتعد من الطامات التي أدخلتها يد الدس في الاَحاديث الاِسلامية، والمسوَولية في هذا المجال تقع على عاتق من منع كتابة أحاديث الرسول وتدوينها ما يربو على قرن ونصف، ففسح المجال للاَحبار والرهبان بأن يتحدّثوا في مسجد الرسول بما ورثوه من الاَساطير الواردة في العهدين القديمين.
فإذا كان هذا مكانة الصحيحين اللّذين يعدّان أصح الكتب بعد القرآن الكريم، فما ظنّك بغيرهما.
فعلى أعلام الاَُمّة ومن يهتم بهمومها الكبرى تمحيص ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) باسم السنّة لا تمحيص السنّة النبوية، فإنّها عدل القرآن لا تمس كرامتها يد المحرّفين، والذي هو بحاجة إلى التمحيص هو ما نسب إلى الرسول - صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - وألصق به في كتب الصحاح والمسانيد.
فتمحيص السنّة فريضة على المفكرين لكي يقضوا بذلك على البدع التي ما انفكت تتلاعب بالدين، ولا يقوم بذلك إلاّ من امتحن اللّه قلبه بالتقوى، ولا تأخذه في اللّه لومة لائم، وإن رماه المتطفّلون بأنواع التهم والاَباطيل، ولا غرو فإنّ المصلحين في جميع الاَجيال كانوا أغراضاً لنبال الجهّال.
* * *