سیرة الأئمة علیهم السلام

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 619/ 233
نمايش فراداده

التسليم إليها ويعدون الأرضية الفكرية لشرعية حكوماتهم.

والنموذج البارز في حياة الإمام الرابع السياسية لهذا النوع من الصدام هو مواجهته الحادة لمحمد بن مسلم الزهري ( 58ـ 124 هـ) محدّث البلاط.

فقد كان أحد التابعين وفقهاء عصره ومن محدّثي المدينة الكبار، وكان أحد الفقهاء السبعة(1)، وأحد الأعلام المشهورين ورأى عشرة من الصحابة، وقد روى عنه جماعة من كبار الفقه والحديث.(2)

وفي ضوء هذه الخلفية تمتع الزهري بوجاهة وشهرة كبيرة في الأوساط العلمية والفقهية لذلك العصر، لدرجة انّ مالك بن أنس كان يقول: لم أر في المدينة إلاّ محدثاً وفقيهاً واحداً وهو ابن شهاب الزهري.(3)

و قيل لمكحول: من أعلم من لقيت؟ قال: الزهري، قيل: ثمّمن؟ قال: الزهري، قيل: ثمّمن؟ قال: الزهري.(4)

وعلى الرغم من ذلك كان الزهري منبّهراً بعظمة الإمام السجاد ـ عليه السَّلام ـ العلمية وزهده وتقواه ومعجباً بمستواه الروحي، فكان يقول: ما رأيت قرشياً أورع منه ولا أفضل. (5)

و يقول أيضاً، أفضل من رأيت، وأعلم من بني هاشم هو علي بن الحسين.(6)

وكان كلّما ذكر الإمام السجاد ـ عليه السَّلام ـ يبكي، وكان يذكره باسم زين

1-وأمّا سائر الفقهاء السبعة عند أهل السنة، فهم ـ كما نقله ابن سعد ـ: سعيد بن المسيب، سليمان بن يسار، عكرمة مولى ابن عباس، أبو بكر بن عبد الرحمن، عطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير (الطبقات الكبرى:2/378ـ379).

2- سفينة البحار:1/573; تتمة المنتهى، ص 87; شذرات الذهب:1/162.

3-الطبقات:2/388.

4-البداية والنهاية:9/343.

5-نفس المصدر:9/104.

6-مناقب آل أبي طالب:4/159.