سیرة الأئمة علیهم السلام

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 619/ 270
نمايش فراداده

منع كتابة الحديث

وجرّاء الانحرافات الكبيرة التي حدثت بعد رحيل النبي في المجتمع الإسلامي حدثت حادثة مؤسفة أُخرى ألقت بظلّها وآثارها المشؤومة والمخرّبة على العالم الإسلامي، وتلك هي المنع من كتابة ونقل الحديث، فبالرغم من أنّحديث وكلام النبي يأتي في الرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد القرآن الكريم، ويعدّ بعد ذلك الكتاب السماوي أكبر مصدر للثقافة الإسلامية، وانّ هذين الاثنين لا ينفكّان عن بعضهما ولا ينفصلان من الأساس، راح الخليفة الأوّل والثاني يخالفان نقل وكتابة الحديث ومنعا منعاً باتاً المسلمين من كتابةالحديث كلّ ذلك تحت ذرائع تافهة وواهية وفي الواقع بدوافع سياسية.

قال أبو بكر لا تحدّثوا عن رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ شيئاً، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب اللّه فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه.(1)

وللمنع من كتابة السنّة كتب الخليفة الثاني إلى جميع الأمصار:

من كان عنده شيء فليمحه(2).

ولم يكتف بهذا بل راح يتهدّد ويتوعّد جميع أصحاب النبي وحملة الحديث وحفظته بأن يمتنعوا من التحدّث بحديث النبي وكتابته.

يقول قرظة بن كعب أحد الصحابة المعروفين:

بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة، وشيّعنا، فمشى معنا إلى موضع صرار، فقال: تدرون لم مشيت معكم؟ قال: قلنا لحق صحبة رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ولحق الأنصار

1-تذكرة الحفاظ:1/3.

2-أضواء على السنة المحمدية ص 43.