سیرة الأئمة علیهم السلام

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 619/ 308
نمايش فراداده

تبيين الأحكام بالطريقة الشيعية الخاصة

إنّ الذي خفى على الباحثين حول سيرة الإمام فيما يتعلّق بتأسيسه للجامعة العلمية والفقهية هو الجانب السياسي من هذه المبادرة العظيمة، ولكي يتّضح هذا الجانب السياسي منها ينبغي الالتفات في البداية إلى أنّ جهاز الخلافة في الإسلام يختلف عن كافة الأجهزة والأنظمة الحكومية الأُخرى في أنّه ليس نظاماً وجهازاً سياسياً فقط بل يمثل القيادة السياسية والدينية معاً، و الأمر الذي يوضح هذه الحقيقة هو عنوان الخليفة الذي يتمتع به الحاكم الإسلامي وانّه قبل أن يكون قائداً سياسياً عادياً فهو خليفة رسول اللّه والنبي هو من أوجد الدين وهو معلم الأخلاق، فالخليفة في الإسلام يتولّى الشؤون الدينية للناس ويكون إمامهم الديني أيضاً، مضافاً إلى كونه مسؤولاً عن القضايا والشؤون السياسية .

دفعت هذه الحقيقة المسلم بها وبعد السلسلة الأُولى من الخلفاء الإسلاميين بالحكام اللاحقين الذين كانوا يتمتعون بقلة الوعي الديني و يفتقرون إليه كلياً أحياناً أن يسدّوا هذا الفراغ برجال الدين التابعين لهم، وبضم المرتزقة من الفقهاء والمفسرين والمحدّثين إلى جهازهم الحاكم جعلوا منه تركيبة من الدين والسياسة.

والفائدة الأُخرى التي جناها الخلفاء من هؤلاء المرتزقة آنذاك هو أنّهم كانوا يستطيعون وبسهولة تغيير أحكام الشريعة كيفما شاء واشتهى الحكام الظالمون والمستبدون بذريعة تطلب مصالح العصر وحاجاته، ويبدّلون حكم اللّه باسم الاجتهاد الذي قلّما يستطيع عامة الناس إدراك حقيقته لإرضاء أربابهم وتقرّباً لهم، وقد ذكر المؤرّخون لنا نماذج رهيبة من عمليات وضع الحديث والتفسير بالرأي الأمر الذي لاح منه تورّط القوى السياسية وأجهزة الحكام فيه.

وقد قاموا بنفس هذه العملية في تفسير القرآن أيضاً، فقد كان التفسير