تاریخ الفقه الإسلامی و ادواره

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 459/ 22
نمايش فراداده

في كتاب «مناقب الاَنصار» عن أنس بن مالك قال: قال ناس من الاَنصار حين أفاء اللّه على رسولهص ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطي رجالاً المائة من الاِبل، فقالوا: يغفر اللّه لرسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - يعطي قريشاً و يتركنا و سيوفنا تقطر من دمائهم. قال أنس: فحدّث رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - بمقالتهم، فأرسل إلى الاَنصار، فجمعهم في قبّة من أدمٍ ولم يدع معهم غيرهم، فلمّا اجتمعوا قام النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: «ما حديث بلغني عنكم؟».

فقال فقهاء الاَنصار: أمّا روَساوَنا يا رسول اللّه فلم يقولوا شيئاً، وأمّا ناس منّا حديثة أسنانهم، فقالوا: يغفر اللّه لرسول اللّهص يعطي قريشاً ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. (1)

وممّا يدلّ على أنّ الفقيه في الصدر الاَوّل بمعنى صاحب البصيرة في الدين، أنّ الحسين بن علي - عليهما السلام - وصف حبيب بن مظاهر الاَسدي بالفقيه، وكتب إليه من كربلاء وهو بالكوفة بالنحو التالي:

«من الحسين بن علي بن أبي طالب إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر. أمّا بعد يا حبيب فإنّك تعلم قرابتنا من رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - وأنت أعرف بنا من غيرك، وأنت ذو شيمة وغيرة، فلا تبخل علينا بنفسك يجازيك جدي رسول اللّه - صلى الله عليه وآله وسلم - يوم القيامة». (2)

وربّما يجعل اسم القرّاء مقابلاً لاسم الفقهاء، روى مالك في موطئه، عن يحيى بن سعيد، أنّ عبد اللّه بن مسعود قال لانسان:«إنّك في زمان كثير فقهاوَه، قليل قرّاوَه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيّع حروفه، قليل من يسأل، كثير من

1 . صحيح البخاري: 5|200 ح8، باب غزوة الطائف.

2 . مصطفى الحائري: بلاغة الحسين: 70.