بحوث قرآنیة فی التوحید والشرک

جعفر سبحانی تبریزی

نسخه متنی -صفحه : 152/ 83
نمايش فراداده

انقسام الأسباب إلى مادّية وغيبية

ثمّ إنّ الاَسباب تنقسم إلى طبيعية ومادية وإلى غيبية وإلهية، أمّا الاَوّل فالنظام الكائن مبني على العلل والاَسباب الطبيعية وتأثير كلّ سبب طبيعي ومادي بإذن اللّه سبحانه، وليس للعلم دور سوى الكشف عن هذه الاَسباب المادية.

غير انّ المادي ينظر إلى هذه الاَسباب بنظرة استقلالية ولكن الاِلهي ينظر إليها نظرة تبعية قائمة باللّه سبحانه، موَثرة بإذنه، وهذا هو ذو القرنين يتمسك بالاَسباب الطبيعية في إيجاد السد أمام يأجوج ومأجوج ويستعين بالاَسباب ولا يراها مخالفاً للتوحيد.

قال سبحانه حاكياً عنه: (آتُوني زُبَرَ الْحَديد حَتّى إِذا سَاوى بَيْنَ الصَّدَفَيْن قالَ انْفُخُوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ ناراً قالَ آتُوني أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً* فَما اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً* قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعْدُ رَبّي حَقّاً).(1)

إنّ الاستعانة بالاَحياء والاستغاثة بهم أمر جرت عليه سيرة العقلاء، وهذا موسى الكليم استغاثه بعض شيعته فأجابه دون أن يخطر ببال أحد انّالاستغاثة لا تجوز إلاّ باللّه، قال سبحانه: (وَدَخَلَ المَدينةَ عَلى حينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاستَغاثَهُ الَّذي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقضى عَلَيْهِ) .(2)

1 الكهف|96ـ 98.2 ـ القصص|15.