ويقولون: كما أنّ الإنسان يحب الخيرفطرياً، أو يكره الشر فطرياً كذلك يبحث عناللّه فطرياً وذاتياً، ويريد معرفة ماوراء الطبيعة فطرياً أيضاً، وما كل ذلكإلاّ لأنّ البحث عن اللّه والتفتيش عنالخالق أمر جبل عليه الإنسان وفطر عليهتكوينه وعجنت به سريرته، فإذا به يميل إلىالإذعان باللّه ذاتياً بينما يكرهالإلحاد ونكران اللّه ذاتياً كذلك.
وفي هذا الباب نواجه نوعين من الآيات:
نوعاً يعتبر التعاليم الدينية بأُصولها(من عقيدة وعمل) قضايا فطرية مغروسة فيجبلة البشر وخلقته، فإذا هي (أي هذهالتعاليم) ليست سوى نداءات الضمير،ومحاكاة للفطرة.
ونوعاً آخر يصرح بأنّ الإيمان باللّه والتوجه إليه في الشدائد من الأُمورالفطرية التي ولدت مع الإنسان.
وإليك فيما يلي كلا النوعين من الآيات:
قال اللّه تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَلِلّدِينِ حَنِيفاً فِطْرةَ اللّهِالَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاتَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ ذَلِكَالدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَالنَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (1).
ففي هذه الآية لم تجعل مسألة «معرفة اللّهوالإيمان به» فقط أمراً، فطرياً بل وصفالدين بأُصوله (والتي تعني تلك الأُصولوالكليات التي تؤلّف أساس
1. الروم: 30.