ولو كان إشفاء يعقوب مستنداً إلى اللّهسبحانه مباشرة بلا دخالة يوسف لما أمرإخوته أن يلقوا قميصه على وجه أبيهم، بليكفي هناك دعاؤه من مكان بعيد، وليس هذاإلاّ تصرّف لولي اللّه في الكون بإذنهسبحانه.
ونظير هذا نجده في أنبياء آخرين كموسى(عليه السلام)، إذ قيل له: (اضْرِببِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجََرَتْمِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً)(1) فلولم يكن لضربه بالعصا عن إرادته، تأثير فيتفجّر الماء من الصخر لما أمر به اللّهسبحانه.
وربما يتصور أنّ موسى يضرب بعصاه، ولكناللّه هو الذي يفجّر الأنهار، فهذا لا يدلعلى سلطة غيبية لموسى، إذ غاية الأمر أنّاللّه تعالى يفعل تفجير الأنهار عند ضربه،لكنه ضعيف يرجع إلى لغوية الأمر بالضرببالعصا، فإنّ الضرب بالعصا ليس من قبيلالدعاء، حتى يقال إنّه سبحانه يجيب دعوتهعند دعائه.
وعلى الجملة لا يمكن أن تنكر مشاركة ضربهبالعصا وإرادته ذاك العمل في تفجر العيون،وإن كان اذنه سبحانه ومشيئته فوقه، ولاتدل الآية على أزيد من هذا.
ومثله قوله سبحانه:
(فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوْسَى أَنِاضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَفَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقكَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ).(2)
ودلالة هذه الآية على ما نرتئيه لا تقصرعن دلالة الآية السابقة.
1. البقرة: 60. 2. الشعراء: 63.