كما أنّ مثل هذه السلطة الغيبية لم تقتصرعلى من ذكرنا، بل يثبتها القرآن الكريملأصحاب سليمان وحاشيته، فها هو أحد حاشيتهيضمن له (عليه السلام) احضار عرش ملكة سبأقبل أن يقوم من مقامه، وقبل أن ينفض مجلسه،إذ قال سبحانه:
(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْيَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْيَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَعِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنا آتِيكَبِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَوَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ).(1)
بل ويضمن له آخر من حواشيه أن يحضر العرشالمذكور في أقل من طرفة عين، إذ قال:
(قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَالْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَأَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَفَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُقَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي)(2).
ولم يتبيَّن ـ إلى الآن ـ ما المراد من هذاالعلم الذي كان يحمله قائل هذا القول به:(أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّإِلَيْكَ طَرْفُكَ).(3)
وسواء أكان المراد من ذلك هو العلم بخواصالأشياء الغريبة وكيفية معالجتهاواحضارها من مكان بعيد في أقل من طرفة عين،أم كان المراد منه غيره.
وعلى أيِّ تقدير فليس هذا العلم من سنخالعلوم الفكرية التي تقبل الاكتساب وتنالبالتعلّم، وهذا يكفي في عد عمله خارقاًللنواميس العادية والسنن الطبيعيةالمكشوفة الرائجة.
1. النمل: 38 ـ 39. 2. النمل: 40. 3. ذكر المفسرون هناك أقوالاً واحتمالاتفراجع الميزان: 15/363.