ومن الواضح أنّ بيعةً بهذه الصفة،لايمكنانّ تكون انتخاباً حقيقيّاً واستفتاءًحرّاً.
فأيّ انتخاب شعبيّ حرّ جاء بالخليفةالأوّل، وهذا التأريخ يروي لنا ما جرى فيالسقيفة وما وقع من التهديد والتنديدوالسيف، والشتيمة والمهاترات.
فها هو الحبّاب بن المنذر الصحابيّالبدريّ الأنصاريّ العظيم وقد انتضى سيفهعلى أبي بكر ـ يوم السقيفة ـ وهو يقول:(واللّه لا يرد عليّ أحد ما أقول إلاّحطّمت أنفه بالسيف أنا جذيلها المحكّك [أيأصل الشجرة] وعذيقها المرجب [أي النخلةالمثقلة بالثمر] أنا أبو شبل في عرينةالأسد يعزى إليّ الأسد) (1).
وهو بكلامه هذا يتهدّد كلّ من يحاول إخراجالقيادة من الأنصار وإقرارها لغيرهم.
وها هو آخر (وهو سعد بن عبادة) يخالفمبايعة أبي بكر وينادي: (أنا أرميكم بكلِّسهم كنانتي من نبل واخضّب منكم سنانيورمحي، وأضربكم بسيفي ما ملكته يديوأقاتلكم مع من معي من أهلي وعشيرتي) (2).
وها هو ثالث يتذمّر من تلك البيعة ويشبّنار الحرب بقوله: (إنّي لأرى عجاجةً لايطفئها إلاّ دم) (3).
وهذا هو سعد بن عبادة أمير الخزرج الذيطلب أن تكون الخلافة في الأنصار، يداسبالأقدام، وينزى عليه وينادى عليه بغضب:(اقتلوا سعداً قتله اللّه إنّه منافق، أوصاحب فتنة) وقد قام الرجل على رأسه ويقول:(لقد هممت أنّ أطأك حتّى تندر عضوك أو تندرعيونك)(4).
فإذا بقيس بن سعد يأخذ بلحية عمر ويقول:(واللّه لو حصصت منه شعرةً ما
1- شرح ابن أبي الحديد 2: 16. 2- الغدير 7: 76. 3- الإمامة والسياسة 1: 11، تاريخ الطبري 3:210. 4- مسند أحمد 1: 56، تاريخ الطبري 3: 210وغيرهما.