مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 2 -صفحه : 624/ 495
نمايش فراداده

«497»

واللّهُ واسِعٌ عَليمٌ) (البقرة: 247).

وهو عندما يتحدّث عن أبرز صفتين من صفاتموسى (عليه السلام)على لسان ابنة شعيب يذكرأمانته وقوّته الجسمانيّة فيقول: (يَاأبَتِ اسْتَأجِرْهُ إنَّ خَيْرَ مَنِاسْتَأجَرْتَ القَوِيُّ الأمينُ)(القصص:26).

إنّ صاحب الجسم العليل لا تتاح له الفرصةالكاملة للسير صعداً في مضمار الحياة،والقيام بواجبه الإنسانيّ كأيّ عضو سليم،صحيح البدن، معتدل البنية من أعضاءالمجتمع البشريّ وذلك للصّلة الوثيقة بينالروح والجسدفي الكيان الإنسانيّوالتأثير المتقابل بينهما ومن هنا مدحالقرآن الكريم الكمال الجسمانيّ والقوّةالبدنيّة، كما مرّ عليك في الآيتينالسابقتين، فإنّ القوّة البدنيّة إذاانضمّت إلى سلامة العقل أنتجت جودة الفكر،وحسن التدبير، وسعادة الحياة ولهذا ذكرالقرآن بعد مسألة الاصطفاء والاختيار«العلم والقوّة البدنيّة» إيذاناًوإعلاماً بأنّ الاصطفاء والاختيار كانباعتبار القوّة البدنيّة إلى جانب العلمممّا يعني أنّ للجسم والكمال الجسمانيّقسط من الثمن، ومدخليّة في السعادة أوالشقاء سلباً أو إيجاباً.

وانطلاقاً من حرص الإسلام على صحّةالأبدان وسلامتها، وقوّتها واستقامتهايرفع الدين أيّ تكليف شاقّ مضرّ بالبدن،عن الناس، فرفع اللّه الصيام عن (المريض)و(المسافر)، إذ يقول سبحانه: (يَأَيّهاالَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْالصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَمِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*آيَّامَاً مَعْدُودَات فَمَنْ كَانَمِنْكُمْ مَرِيضَاً أَوْ عَلَى سَفَرفَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّام أُخَرَ وََعَلَىالَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌطَعَامُ مِسْكِين فَمَنْ تَطَوَّعَخَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأنْتَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْتَعْلَمُونَ) (البقرة: 183 ـ184).

وإنّما رفع الصوم عن المسافر لأنّ السفربنفسه مضنّة النصب، وهو من مغيّرات الصحّةفإذا وقع فيه الصيام ازداد التعب والنصبولهذا أيضاً جوّز القرآن للمحرم المريض أومن به أذى في رأسه أن يحلق رأسه إذا كانإبقاء الشعر يوجب الأذى فقال تعالى: (وَلاَتَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَالهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَمِنْكُمْ مَرِيضَاً أَوْ بِهِ أذَىً مِنْ