ولذلك، شدّد القرآن الكريم في ذكر عذابهمأكثر من أيّ جماعة اخرى إذ يقول: (إِنَّالْمنَافِقينَ فِي الدَّرْكِ الأسْفَلِمِنَ النَّارِ)(النساء: 145).
ويحدثنا التأريخ كيف لعب المنافقون دوراًخبيثاً، وخطيراً في تعكير الصفو وإفساحالمجال أمام أعداء الإسلام الأجانب ـ سواءقبل قوة الإسلام و بعدها ـ للمكر بالإسلاموالكيد له، والمؤامرة عليه، بحيث لولاوجود النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّملأتوا على ذلك الدين، ولقضوا على كيانهوأطاحوا بصرحه، وأطفأوا نوره.
وقد كان من المحتمل ـ بقوة ـ أن يتّحد هذاالثلاثي الخطر (الفرس والروم والمنافقون)لاكتساح الإسلام واجتثاث جذوره، وخاصّةبعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآلهوسلّم وغياب شخصه عن الساحة.
وكان من المحتمل جداً; أن يتفق هذاالثلاثي ـ الناقم على الإسلام ـ على محوالدين، وهدم كلّ ما بناه الرسول الأكرمصلّى الله عليه وآله وسلّم طوال ثلاثةوعشرين عاماً من الجهود والمتاعب، وتضييعكلّ ما قدّمه المسلمون من تضحيات في سبيلإقامته.
لقد كان من أبرز ما يتميّز به المجتمعالعربيّ قبل الإسلام; هو النظام القبلي،والتقسيمات العشائرية التي كانت تحتلّ ـفي ذلك المجتمع ـ مكانةً كبرى، وتتمتّعبأهمّية عظيمة.
فلقد كان شعب الجزيرة العربية، غارقاً فيهذا النظام الذي كان سائداً في كلّأنحائها.
صحيح أنّ جميع القبائل العربية ـ آنذاك ـكانت ترجع ـ في الأصل ـ إلى قبيلتي;القحطانيين (وهم اليمنيّون) والعدنانيين(وهم الحجازيّون)، إلاّ أنّ هذا التقسيمالثنائيّ قد تحوّل بمرور الزمن; إلىتقسيمات كثيرة وعديدة، حتّى أصبح منالعسير; إحصاء القبائل العربيّة وأفخاذهاوفروعها وبطونها.