من اَراد استماعه، فإذا لم يسمع و لم يفهملايتبعه فيغلبون بذلك محمداً(1). فأوعدهماللّه سبحانه بقوله: (فَلَنُذِيقَنَّالَّذِينَ كَفَرُوا عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ اَسْوَأَ الَّذِىكَانُوا يَعْلَمُونَ) و لقد تحقّق وعدهسبحانه في الدنيا يوم بدر فقتل منهم من قتلو أسر منهم من اُسر، فنالوا جزاء أعمالهم،و بقي عليهم العذاب الأكبر الذي يجزون بهفي يوم البعث. يقول سبحانه: (ذَلِكَجَزَاءُ أَعْدَاءِ اللّهِ النَّارُلَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ جَزَاءًبِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)(فصّلت/27و28).
و أقصى ما كان عند قريش من العذر لتبريرعملهم و عدم إعتناقهم لدين النبي، هوأنّهم كانوا يخافون من مشركي الجزيرةالعربيّة حيث إنّهم كانوا على خلافالتوحيد بل على عبادة الأصنام، فقالوا: لوإعتنقنا دين محمد (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) و رفضنا الأصنام و الأوثان، لثارالجميع علينا، و هذا ما يحكيه عنهم قولهسبحانه: (وَ قَالُوا إِنْ نَتَّبِعِالهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْأَرْضِنَا...) (القصص/57) والآية تعطي أنّهمكانوا واقفين على أنّ دين النبي حق و لكنالذي منعهم عن اتباع الهدى مخافة أنتتخطّفهم العرب من أرضهم و ليس لهم طاقةبهم(2).
فردّه الوحي بأنّ اللّه سبحانه جعل بهممكّة دار أمن و أمان و دفع ضرّ الناس عنهمعندما كانوا مشركين فإذا آمنوا و أعتنقوادين اللّه يعمّهم الأمن و السلامة أيضاًلأنّهم في حالة الإيمان أقرب إلى اللّهسبحانه من حالة الكفر، فالخالق الذي قطعأيدي الأشرار عن بلدهم قادر في كلتاالحالتين و إليه يشير قوله سبحانه: (...أَوَلَمْنُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماًآمِناً يُجْبَى إلَيِهِ ثَمَرَات كُلِّشَيْء رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَ لَكِنَّ
1. تفسير الطبري الجزء 24 ص72. 2. التخطّف: أخذ الشيء على وجه الإضطراب منكل وجه، و المصطلح الدارج هو الإختطاف.