مفاهیم القرآن

جعفر سبحانی تبریزی

جلد 9 -صفحه : 403/ 402
نمايش فراداده

يتوجه إلى العقوبات المفروضة عن طريق التقنين والتشريع، فالتعذيب في ذلك المجال رهن إحدى الغايتين: التشفّي أو الاعتبار.

وأ مّا إذا كانت العقوبة أثراً وضعيّاً للعمل فيسقط السوَال، لاَنّ هناك ضرورة وجودية بين وجود المجرم والعقوبة التي تلابس وجودَه في الحياة الاَُخروية، فعند ذلك لا يصحّ السوَال عن حكمة التعذيب، وإنّما هي تتوجه إلى التعذيب الذي يمكن التفكيك بينه و بين المجرم كالعقوبات الوضعية.

وأمّا إذا كانت العقوبة من لوازم وجود الاِنسان الاَُخروي، فالسوَال عن التعذيب، ساقط جداً.

توضيح ذلك : انّ الاِنسان إنّما يحشر بذاته وعمله، وعمله لازم وجوده وكلّ ما اقترف من الاَفعال فله وجود دنيوي، يتجلّى باسم الكذب والنميمة،وله وجود أُخروي يتجلّى بالوجود المناسب له، فهكذا أعماله الصالحة فلها صورة دنيوية، باسم الاَذكار، وصورة أُخروية تناسب وجود الاِنسان في هذا الظرف.

فالصوم هنا إمساك، وفي الحياة الاَُخروية جُنَّة من النار، وهكذا سائر الاَعمال من صالحها وطالحها، فلها وجودان : دنيوي وأُخروي ، وإليك ما يدلُّ على ذلك في القرآن الكريم.

يقول سبحانه: (إِنّ الّذينَ يَأْكُلُونَ أَموالَ اليَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ ناراً) .

(1)

ويقول سبحانه: (وَلا يَحْسَبَنَّ الّذينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْهُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونََ ما بَخِلُوا بِهِ يَومَ القِيامة) .(2)

(1)النساء: 10.

(2)آل عمران: 180.