ويفهم من هذه النصوص وغيرها ان حركة التحالف بداها بنو عبد الدار حسدالعبد المطلب , فسعوا لـلـتـحالف ضده , فبادر عبد المطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم , ثم عقد بنو عبد الدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم .
ويـفـهم منها , ان اهداف حلف عبد المطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم , بينماهدف حلف بني عبد الدار مواجهة المطيبين
وذكـر الـمـؤرخون ان بني عبد الدار ورثوا من جدهم قصي دار الندوة التي كانت شبيهة بمركز لـمجلس شيوخ قريش , تبحث فيها الامور المهمة , وتتخذ فيهاالقرارات , كما ورثوا لوا الحرب , فكانوا هم اصحاب لوا قريش في حروبها.
- قال البلاذري في فتوح البلدان 60.
فـلم تزل دار الندوة لبني عبد الدار بن قصي , حتى باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي , من معاوية بن ابي سفيان , فجعلها دارا للامارة انتهى .
وقـد قـتل علي (ع ) من بني عبد الدار كل من رفع لوا قريش في وجه رسول (ص ) , فبلغوا بضعة عشر , وروي ان بعضهم قتلهم عمه حمزة بن عبد المطلب ـ قال ابن هشام في : 3 / 587 : واصفا تحميس ابي سفيان وزوجته لبني عبد الدار في احد:.
قال ابو سفيان لاصحاب اللوا من بني عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال : يابني عبد الدار انكم قد وليتم لوانا يوم بدر , فاصابنا ما قد رايتم , وانما يؤتى الناس من قبل راياتهم , اذا زالت زالوا , فاما ان تكفونا لوانا , واما ان تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه , وقالوا : نحن نسلم اليك لوانا ؟ ابو سفيان .
فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض , قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها , واخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم , فقالت هند فيما تقول :.
ضربا بكل بتار.
- وفي سيرة ابن هشام : 3 / 655.
قـال ابن هشام : انشدني ابو عبيدة للحجاج بن علاط السلمي يمدح ابا الحسن امير المؤمنين علي بن ابـي طـالـب , ويذكر قتله طلحة بن ابي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار , صاحب لوا المشركين يوم احد:.
وقد تتابع على حمل لوا المشركين يوم احد تسعة من بني عبد الدار , وقيل اكثروركزوا حملاتهم على قتل النبي (ص ) بعد ان تركه المسلمون وهربوا صعودا في الجبل , وثبت الرسول (ص ) ومعه علي (ع ) في وجه حملات قريش , التي تواصلت الى ما بعد الظهر وكان النبي (ص ) يقاتل في مركزه , وعلي (ع ) يحمل عليهم , يضرب مقدمتهم ,ثم .
يـغـوص فـيهم يضرب يمينا وشمالا , حتى يصل الى العبدري حامل لوائهم فيحصدراسه , فتنكفئ الحملة .
ثـم يـتحمس عبدري آخر فيحمل لوا الشرك , ويهجمون باتجاه الرسول (ص ) فيتلقاهم علي (ع ) وهو راجل وهم فرسان حتى قتل من فرسان قريش عشرات , ومن العبدريين اصحاب الويتهم تسعة وقد اصابته (ص ) بضع جراحات , واصابت عليا (ع ) بضع وسبعون جراحة روي ان النبي (ص ) مسح عليها بريقه فبرات .
ومـن طـريـف ماذكره المؤرخون عن بني عبد الدار الشجعان , انهم اول من علم قريشا اسلوبا في الدفاع عن نفسها في الحرب امام بني هاشم , فقد ابتكروا طريقة للاستفادة في الحرب من ترفع بني هاشم وسموهم الاخلاقي ـ روى ابن كثير في السيرة : 3 / 39 , ناقلا عن ابن هشام :.
لـمـا اشتد القتال يوم احد , جلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت راية الانصار , وارسل الى عـلـي : ان قـدم الـراية , فقدم علي وهو يقول : انا ابو القصم ,فناداه ابو سعد بن ابي طلحة , وهو صاحب لوا المشركين : هل لك ياابا القصم في البراز من حاجة ؟ قال : نعم .
فبرزا بين الصفين , فاختلفا ضربتين , فضربه علي فصرعه , ثم انصرف ولم يجهزعليه فقال له بعض اصحابه : افلا اجهزت عليه ؟.
فقال : انه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم , وعرفت ان اللّه قدقتله .
وقـد فـعل ذلك علي رضي اللّه عنه يوم صفين مع بسر بن ابي ارطاة , لما حمل عليه ليقتله ابدى له عورته , فرجع عنه .
وكـذلـك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه علي في بعض ايام صفين , ابدى عن عورته , فرجع علي ايضا ففي ذلك يقول الحارث بن النضر:.
وكـان الـنـضـر بن الحارث من شياطين قريش , وممن كان يؤذي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويـنـصب له العدواة , وكان قدم الحيرة وتعلم بها احاديث ملوك الفرس واحاديث رستم واسفنديار , فـكـان اذا جلس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مجلسافذكر فيه باللّه , وحذر قومه ما اصاب من قـبـلـهـم من الامم من نقمة اللّه , خلفه في مجلسه اذا قام , ثم قال : انا واللّه يا معشر قريش احسن حديثا منه , فهلم الي فانااحدثكم احسن من حديثه , ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار , ثم يقول : بماذا محمد احسن حديثا مني ؟ قال ابن هشام : وهو الذي قال فيما بلغني : سانزل مثل ما انزل اللّه .
قال ابن اسحاق : وكان ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول فيما بلغني : نزل فيه ثمان آيات من القرآن , قول اللّه عز وجل : اذا تتلى عليه آياتنا قال اساطير الاولين .
وكل ما ذكر فيه الاساطير من القرآن انتهى .
وذكر ابن هشام 1 / 239 قول النضر عن النبي (ص ) ( وما حديثه الا اساطيرالاولين اكتبتها كما اكتتبتها - وقال السيوطي في الدر المنثور : 3 / 181.
واخرج ابن جرير عن عطا قال : نزلت في النضر : واذ قالوا اللهم ان كان هذاهو.
الـحـق من عندك فامطر علينا حجارة من السما , وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب , ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة , وسال سائل بعذاب واقع قال عطا رضي اللّه عنه : لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب اللّه انتهى .
- وروى نحوه في : 5 / 297 , عن عبد بن حميد.
ـ وقال عنه في تفسير الجلالين 540.
وهو النضر بن الحارث , كان ياتي الحيرة يتجر فيشتري كتب اخبار الاعاجم ويحدث بها اهل مكة ويـقول : ان محمدا يحدثكم احاديث عاد وثمود , وانااحدثكم احاديث فارس والروم , فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن وقـد عـرفـت ان مصادرنا وعددا من مصادر السنيين ذكرت ان السائل بالعذاب الواقع هو جابر بن النضر بن الحارث , او الحارث الفهري وان اكثر مصادر السنيين رجحت انه ابوه النضر بن الحارث , اعتمادا على روايات عن ابن جبير وابن عباس غير مرفوعة فقد روى الحاكم في المستدرك : 2 / 502 :عـن سـعـيد بن جبير , سال سائل بعذاب واقع , قال : هو النضر بن الحارث بن كلدة , قال : اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السما.
- وقال السيوطي في الدر المنثور : 6 / 263 : اخرج الفريابي , وعبد بن حميد ,والنسائي , وابن ابي حاتم , والحاكم وصححه , وابن مردويه , عن ابن عباس الخ .
ولـم اجد في مصادر السيرة والتراجم عن الابن غير قصة هلاكه بحجر من السما ,لكفره وبغضه لاهـل بـيـت النبي (ص ) , ولعله كان شابا , او انهم عتموا على ذكره حسدا لاهل البيت (ع ) ويدل الـمـوجـود فـي مـصادر السيرة على ان الاب اسوا من الابن بكثير , لانه من كبار الفراعنة الذين واجهوا النبي (ص ) , ولعل ابنه لو عاش لفاق اباه في كفرا وعتوا
قال ابن اسحاق : ثم ان الاسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنسا , وقريش تحبس من قدرت على حبسه , وتفتن من استطاعت فتنته من المسلمين .
ثـم ان اشراف قريش من كل قبيلة اجتمع عتبة بن ربيعة , وشيبة بن ربيعة , وابوسفيان بن حرب , والـنـضر بن الحارث اخو بني عبد الدار , وابو البختري بن هشام ,والاسود بن المطلب بن اسد , وزمـعة بن الاسود , والوليد بن المغيرة , وابو جهل بن هشام , وعبد اللّه بن ابي امية , والعاص بن وائل , ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان ,وامية بن خلف , او من اجتمع منهم .
قـال : اجـتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة , قال بعضهم لبعض : ابعثواالى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه , فبعثوا اليه : ان اشراف قومك قداجتمعوا لك ليكلموك فاتهم , فجاهم رسـول اللّه صـلـى اللّه عليه وسلم فقالوا له :يامحمد , انا قد بعثنا اليك لنكلمك , وانا واللّه ما نعلم رجـلا مـن الـعرب ادخل على قومه مثل ماادخلت على قومك , لقد شتمت الابا وعبت الدين وشتمت الالهة ,وسفهت الاحلام وفرقت الجماعة , فما بقي امر قبيح الا قد جئته فيما بيننا وبينك -او كما قـالـوا - فان كنت انما جئت بهذا الحديت تطلب به مالا جمعنا لك من اموالناحتى تكون اكثرنا مالا , وان كنت انما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا , وان .
كـنت تريد به ملكا ملكناك علينا , وان كان هذا الذى ياتيك رئيا تراه قد غلب عليك -وكانوا يسمون الـتـابع من الجن رئيا - فربما كان ذلك بذلنا لك اموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه , او نعذر فيك مـابـي ما تقولون , ما جئت بما جئتكم به اطلب اموالكم , ولا الشرف فيكم , ولاالملك عليكم , ولكن اللّه بعثني اليكم رسولا , وانزل علي كتابا , وامرني ان اكون لكم بشيرا ونذيرا , فبلغتكم رسالات ربـي ونـصـحت لكم , فان تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والاخرة , وان تردوه علي اصبر لامر اللّه , حتى يحكم اللّه بيني وبينكم الى آخر مناظرتهم .
- وقال ابن هشام : 2 / 331.
عـن عـبـد اللّه بـن عـبـاس رضي اللّه عنهما قال : لما اجمعوا لذلك واتعدوا ان يدخلوادار الندوة لـيتشاوروا فيها في امر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك الـيـوم يـسـمـى يوم الزحمة وقد اجتمع فيها اشراف قريش :من بني عبد شمس : عتبة بن ربيعة , وشـيبة بن ربيعة , وابوسفيان بن حرب ومن بنى نوفل بن عبد مناف : طعيمة بن عدى , وجبير ابن مطعم , والحارث بن عامر بن نوفل ومن بنى عبد الدار بن قصي : النضر ابن الحارث بن كلدة الخ .
فقال ابوجهل بن هشام : واللّه ان لي فيه رايا ما اراكم وقعتم عليه بعد.
قالوا : وما هو يا ابا الحكم ؟.
قـال : ارى ان نـاخـذ مـن كان قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا , ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صـارما , ثم يعمدوا اليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه , فانهم اذا فعلوا ذلك تـفـرق دمه في القبائل جميعها , فلم يقدر بنو عبدمناف على حرب قومهم جميعا , فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم انتهى .
ورواه الطبري في تاريخه : 2 / 98.
- جا في سيرة ابن هشام : 1 / 195.
قام النضر بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي فقال :.
يـا مـعشر قريش انه واللّه قد نزل بكم امر ما اتيتم له بحيلة بعد , قد كان محمد فيكم غلاما حدثا , ارضـاكم فيكم , واصدقكم حديثا , واعظمكم امانة , حتى اذا رايتم في صدغيه الشيب , وجاكم بما جاكم به , قلتم ساحر , لا واللّه ما هو بساحر , لقد رايناالسحرة ونفثهم وعقدهم وقلتم كاهن , لا واللّه ما هو بكاهن , قد راينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم وقلتم شاعر , لا واللّه ما هو بشاعر , قد راينا الشعروسمعنا اصنافه كلها : هزجه ورجزه وقلتم مجنون , لا واللّه ما هو بمجنون , لقد رايناالجنون فما هو بخنقة , ولا وسوسته , ولا تخليطه .
يا معشر قريش فانظروا في شانكم , فانه واللّه لقد نزل بكم امر عظيم .
فـلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه , وبعثوا معه عقبة بن ابي معيط الى احبار يهود بالمدينة , وقـالـوا لـهـمـا : سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته , واخبراهم بقوله , فانهم اهل الكتاب الاول , وعندهم علم ليس عندنا من علم الانبيا.
فخرجا حتى قدما المدينة , فسالا احبار يهود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ووصفا لهم امره , واخبراهم ببعض قوله وقالا لهم : انكم اهل التوراة , وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا؟.
فقالت لهما احبار يهود : سلوه عن ثلاث نامركم بهن , فان اخبركم بهن فهو نبي مرسل , وان لم يفعل فالرجل متقول , فروا فيه رايكم .
سـلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الاول : ما كان امرهم , فانه قد كان لهم حديث عجيب ؟ وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الارض ومغاربها , ما كان نباه ؟وسلوه عن الروح ما هي ؟.
فاذا اخبركم بذلك فاتبعوه فانه نبي , وان لم يفعل فهو رجل متقول , فاصنعوا في امره .
ما بدا لكم الى آخر القصة ورواها في عيون الاثر : 1 / 142.
اجتمعوا بينهم ان يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم , وبني المطلب ,على ان لا ينكحوا اليهم ولا ينكحوهم , ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم , فلمااجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة , تعاهدوا وتـواثقوا على ذلك , ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على انفسهم , وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي قال ابن هشام : ويقال النضر بن الحارث , فدعا عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم , فشل بعض اصابعه .
- وقال ابن واضح اليعقوبي في تاريخه : 2 / 31.
وهمت قريش بقتل رسول اللّه , واجمع ملاها على ذلك , وبلغ ابا طالب فقال :.
فلما علمت قريش انهم لا يقدرون على قتل رسول اللّه (ص ) وان ابا طالب لايسلمه , وسمعت بهذا من قول ابي طالب , كتبت الصحيفة القاطعة الظالمة الايبايعوا احدا من بني هاشم , ولا ينا كحوهم , ولا يـعـامـلـوهـم , حـتى يدفعوا اليهم محمدا فيقتلوه وتعاقدوا على ذلك وتعاهدوا , وختموا على الـصـحـيـفـة بـثمانين خاتما , وكان الذي كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار , فشلت يده .
ثـم حصرت قريش رسول اللّه واهل بيته من بني هاشم وبني المطلب ابن عبدمناف في الشعب الذي يقال له شعب ابي طالب ست سنين من مبعثه .
فاقام ومعه جميع بني هاشم وبني المطلب في الشعب ثلاث سنين , حتى انفق رسول اللّه ماله , وانفق ابو طالب ماله , وانفقت خديجة بنت خويلد مالها , وصارواالى حد الضر والفاقة .
ثـم نزل جبريل على رسول اللّه فقال : ان اللّه بعث الارضة على صحيفة قريش فاكلت كل ما فيها من قطيعة وظلم , الا المواضع التي فيها ذكر اللّه فـخـبـر رسـول اللّه ابا طالب بذلك , ثم خرج ابو طالب ومعه رسول اللّه واهل بيته حتى صار الى الـكـعبة فجلس بفنائها , واقبلت قريش من كل اوب فقالوا : قد آن لك ياابا طالب ان تذكر العهد وان تـشـتـاق الـى قومك , وتدع اللجاج في ابن اخيك فقال لهم : يا قوم احضروا صحيفتكم فلعلنا ان نجد فرجا وسببا لصلة الارحام .
وترك القطيعة , واحضروها وهي بخواتيمهم .
فقال : هذه صحيفتكم على العهد لم تنكروها؟.
قالوا : نعم .
قال : فهل احدثتم فيها حدثا؟.
قالوا : اللهم لا.
قال : فان محمدا اعلمني عن ربه انه بعث الارضة فاكلت كل ما فيها الا ذكراللّه ,.
افرايتم ان كان صادقا ماذا تصنعون ؟.
قالوا : نكف ونمسك .
قال : فان كان كاذبا دفعته اليكم تقتلونه .
قالوا : قد انصفت واجملت .
وفضت الصحيفة فاذا الارضة قد اكلت كل ما فيها الا مواضع بسم اللّه عزوجل .
فقالوا : ما هذا الا سحر , وما كنا قط اجد في تكذيبه منا ساعتنا هذه واسلم يومئذ خلق من الناس عظيم , وخرج بنو هاشم من الشعب وبنو المطلب فلم يرجعوا اليه انتهى .
وقـد وردت روايـة شـعر ابي طالب ( ودعوتني وعلمت انك ناصح ) وهو الانسب لجو القصيدة , وايـمـان ابـي طـالـب رحـمـه اللّه , وقـد بحثنا افتراات قريش عليه في المجلد الثالث من العقائد الاسلامية .
وقد تقدم في البحث الخامس ان النضر احد الرهط الذين كانوا يطعمون جيش قريش في حرب بدر , وقـد عـده الـنـبـي (ص ) من افلاذ اكباد مكة , عاصمة قريش الطبري : 2 /142).
- سيرة ابن هشام : 2 / 206 - 207.
ثـم اقبل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قافلا الى المدينة , ومعه الاسارى من المشركين , وفيهم عـقـبة بن ابي معيط , والنضر بن الحارث قال ابن اسحاق : حتى اذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالصفرا , قتل النضر بن الحارث , قتله علي بن ابي طالب , كما خبرني بعض اهل العلم من اهل مكة .
قال ابن اسحاق : ثم خرج حتى اذا كان بعرق الظبية , قتل عقبة ابن ابي معيط.
( راجع ايضا سيرة ابن هشام : 2 / 286 و 527 , وتاريخ الطبري : 2 / 157 و 286).
- وفي معجم البلدان : 1 / 94.
الاثيل : تصغير الاثل موضع قرب المدينة , وهناك عين ما لال جعفر بن ابي طالب , بين بدر ووادي الصفرا , ويقال له ذو اثيل وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم , قتل عنده النضر بن الحارث بن كلدة , عند منصرفه من بدر , فقالت قتيلة بنت النضر ترثي اباها , وتمدح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :.
فـلما سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم شعرها رق لها , وقال : لو سمعت شعرهاقبل قتله لوهبته لها انتهى .
ومن الثابت عن النبي (ص ) انه كان اكره الناس للقتل , وانه لم يقتل احدا الا عنداللزوم والضرورة وحـسبك ان جميع القتلى في جميع حروبه (ص ) ومن اقام عليهم الحد الشرعي لا يبلغون سبع مئة شخص , وبذلك كانت حركته العظيمة (ص ) اعظم حركة في نتائجها , واقل حركة في كلفتها لـهـذا لا يـبـعد ان يكون قتله للنضر تم بامر اللّه تعالى , لانه جرثومة شر وفساد الـنـضـر وشـريكه في الشر , عقبة بن معيط الاموي , وكان صاحب خمارة ومبغى في مكة , وكان معروفا بالحاده .
واذا صـح مـا قـاله (ص ) لبنت النضر الشاعرة , فلا ينافي ان قتله لابيها كان بامر اللّه تعالى , لان مـعـناها انه (ص ) لو سمع هذا الشعر منها وما فيه من قيم واستعطاف ,قبل ان يقتله , لطلب من ربه عز وجل ان ياذن له بان يهب هذا الفرعون لابنته ,ويكفي المسلمين شره , كما امكنهم منه فاسروه .
ذكـرت مـصادر السيرة والتاريخ ان لوا قريش بعد النضر كان بيد آخرين من بني عبدالدار , ولم تذكر ان اخاه النضير كان فارسا مثله , ويظهر انه صار بعد اخيه النضر رئيس بني عبد الدار , وان لـم يـكـن شجاعا صاحب اللوا , فقد وصفه رواة قريش واصحاب السير بالحلم , اشارة الى انه كان سـياسيا محبا للدعة وعدوه من رؤسا قريش والمؤلفة قلوبهم , الذين اعطى النبي 9 كل واحد منهم مئة بعير من غنائم حنين .
- قال الطبري في تاريخه : 2 / 358.
فاعطى ابا سفيان بن حرب مائة بعير , واعطى ابنه معاوية مائة بعير , واعطى حكيم بن حزام مائة بعير , واعطى النضير بن الحارث بن كلدة بن علقمة اخا بني عبدالدار مائة بعير , واعطى العلا بن حارثة الثقفي حليف بني زهرة مائة بعير ,واعطى .
الحارث بن هشام مائة بعير , واعطى صفوان بن امية مائة بعير , واعطى سهيل بن عمرو مائة بعير , واعطى حويطب بن عبد العزى بن ابي قيس مائة بعير.
ونحوه في سيرة ابن هشام : 4 / 929 , وابن كثير : 3 / 682 وتاريخ اليعقوبي .
وقد تقدم ذكره في البحث الخامس , واعترافه بانه خطط مع زعما قريش لقتل النبي (ص ) في حنين , ولم يتمكنوا من ذلك وقـد اخـتـلـط اسم النضير عند بعضهم باسم اخيه النضر , قال الرازي في الجرح والتعديل : 8 / 473:.
النضر بن الحارث بن كلدة العبدري من مسلمة الفتح , ويقال نضير وليست له رواية , سمعت ابي يقول ذلك .
وقال في هامشه : وهذا هو الصواب ان شا اللّه , لان النضر بن الحارث قتل كافرا.
اجـمـاعا , وانما هذا اخوه , واحتمال ان يكون مسمى باسمه ايضا بعيد , واثبت ماجا في الروايات ان هذا هو ( النضير ) راجع الاصابة الترجمتين انتهى .
وعـلـى عـادة رواة قـريـش , فـقـد جعلوا من الحارث او النضير شخصية اسلامية ,وعدوه في الـمـهـاجرين وشهدا اليرموك ويظهر انهم جعلوا كل الذين كانوا في الشام من القرشيين وماتوا في طاعون عمواس , مثل سهيل بن عمرو والعبدريين ,جعلوهم شهدا , وعدوهم في شهدا اليرموك - قال السمعاني المحب لقريش وبني امية , في انسابه : 3 / 110.
الـرهيني : بفتح الرا وكسر الها بعدهما اليا الساكنة آخر الحروف وفي آخرهاالنون , هذه النسبة الـى رهين , وهو لقب الحارث بن علقمة ويلقب بالرهين , ومن ولده محمد بن المرتفع بن النضير بن الـحـارث بـن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي الرهيني , يروي عن عبد اللّه بن الزبير , روى عنه سفيان بن عيينة .
فـامـا جـده الـنضير بن الحارث فكان من المهاجرين , وكان يعد من حلما قريش ,قتل يوم اليرموك شـهـيـدا , وهو اخو النضر بن الحارث الذي قتله علي بن ابي طالب بالصفرا صبرا يوم بدر , وكان شديد العداوة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفيه نزلت سورة ( سال سائل بعذاب واقع ) وقالت بنته ابياتا من الشعر.
وتبعه في اكمال الكمال : 1 / 327 , وغيره .
روت مـصـادرنـا مـناقشة غريبة لاحدهم مع النبي (ص ) في المدينة , وسمته النضر بن الحارث الـفـهـري , ويـحتمل ان تكون كلمة الفهري تصحيف العبدري , نسبة الى بني عبد الدار , والنضر تصحيف النضير.
واذا صحت نسبتها اليه , فتكون صدرت منه في المدينة بعد حجة الوداع .
ـ وقد تقدمت من كتاب مدينة المعاجز للبحراني : 2 / 267 , وفيها:.
اقبل النضر بن الحارث فسلم على النبي (ص ) فقال :.
يـا رسـول اللّه اذا كنت انت سيد ولد آدم , واخوك سيد العرب , وابنتك فاطمة سيدة نسا العالمين , وابـنـاك الـحـسـن والحسين سيدي شباب اهل الجنة , وعمك حمزة سيد الشهدا , وابن عمك ذو الـجـناحين يطير بهما في الجنة حيث يشا ,وعمك جلدة بين عينيك وصنو ابيك , وشيبة له السدانة فما لسائر قومك من قريش وسائر العرب ؟ فـقـد اعـلمتنا في بد الاسلام انا اذا آمنا بما تقول لنا مالك وعلينا ماعليك فاطرق رسول اللّه (ص ) طويلا , ثم رفع راسه فقال :.
اما انا واللّه ما فعلت بهم هذا , بل اللّه فعل بهم هذا , فما ذنبي ؟ فـوعـظـه النبي (ص ) وقال له : ان ربك كريم , فان انت صبرت وتصابرت , لم يخلك من مواهبه , فـارض وسلم , فان اللّه يمتحن خلقه بضروب من المكاره , ويخفف عمن يشا , وله الخلق والامر , مواهبه عظيمة , واحسانه واسع فابى الحارث انتهى .