فقالوا له: صل. فصلى ثم انصرف فقال: والله ما صليت صلاة قط أقصر منها ولو لا أن تروا ان ما بي جزع من الموت لاحببت أن أستكثر منها. ثم قال: أللهم إنا نستعديك على امتنا فإن أهل الكوفة شهدوا علينا، وإن أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتموني بها اني لاول فارس من المسلمين سلك في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها. فمشى إليه هدبة الاعور بالسيف فارعدت فصائله فقال: كلا زعمت انك لا تجزع من الموت فأنا أدعك فابرأ من صاحبك. فقال: مالي لا أجزع؟ وأنا أرى قبرا محفورا، وكفنا منشورا، وسيفا مشهورا، واني والله إن جزعت لا أقول ما يسخط الرب فقيل له: مد عنقك. فقال: إن ذلك لدم ما كنت لاعين عليه، فقدم فضربت عنقه وأقبلوا يقتلونهم واحدا واحدا حتى قتلوا ستة.
قال عبدالرحمن بن حسان العنزي، وكريم بن عفيف الخثعمي: إبعثوا بنا إلى أمير المؤمنين فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته. فبعثوا إلى معاوية فأخبروه فبعث ائتوني بهما فالتفتا إلى حجر فقال له العنزي: لا تبعد يا حجر! ولا يبعد مثواك، فنعم أخو الاسلام كنت. وقال الخثعمي نحو ذلك ثم مضى بهما فالتفت العنزي فقال متمثلا.
كفى بشفاة القبر بعدا لهالك++
وبالموت قطاعا لحبل القرائن
فلما دخل عليه الخثعمي قال له: ألله ألله يا معاوية! إنك منقول من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ومسئول عما أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا؟ فقال معاوية: ما تقول في علي؟ قال أقول فيه قولك، أتتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به؟ فسكت وكره معاوية أن يجيبه فقام شمر بن عبدالله الخثعمي فاستوهبه. فقال: هو لك غير اني جالسه شهرا فحبسه فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه، ثم أطلقه على أن لا يدخل الكوفة ما دام له سلطان فنزل الموصل فكان يقول: لو قد مات معاوية قدمت المصر فمات قبل معاوية بشهر.
ثم أقبل على عبدالرحمن بن حسان فقال له: ايه يا أخا ربيعة! ما قولك في على؟
قال: دعني ولا تسألني فإنه خير لك قال: والله لا أدعك حتى تخبرني عنه. قال: أشهد انه كان من الذاكرين الله كثيرا، ومن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر
___________________________________ في الاغانى: من الامرين بالحق والقائمين بالقسط.
___________________________________ موضع قرب الكوفة على شاطئ الفرات الشرقى.
فقتل من أصحاب حجر معه.
شريك بن شداد الحضرمي، صيفي بن فسيل الشيباني، قبيصة بن ضبيعة العبسي، محرز بن شهاب المنقري، كدام بن حيان العنزي، عبدالرحمن بن حسان العنزي
ونجا منهم:
كريم بن عفيف الخثعمي، عبدالله بن حوية التميمي، عاصم بن عوف البجلي، ورقاء بن سمي البجلي، أرقم بن عبدالله الكندي، عتبة بن الاخنس السعدي، سعد بن نمران الهمداني.
أخذنا ما في هذا الفصل
___________________________________ المذكور تحت عنوان "معاوية وحجر بن عدى وأصحابه" ص 37.
قال الاميني: من حجر بن عدي؟ ومن الذين كانوا معه؟ وما الذي كانت غايتهم في تلكم المواقف الهائلة؟ وماذا اقترفوه من ذنب حتى قتلوا تقتيلا؟ ولماذا هتكت حرمانهم، وقطعت أوصال حياتهم وهم فئة مسلمة!؟
حجر بن عدي من عدول الصحابة، أو أحد الصحابة العدول، راهب أصحاب محمد صلى الله عليه وآله كما قاله الحاكم
___________________________________ مستدرك الحاكم 468 :3.
الدعوة كما في الاستيعاب
___________________________________ ج 135:1.
___________________________________ طبقات ابن سعد، تاريخ ابن عساكر 85:4، تاريخ ابن كثير 50:8.
___________________________________ تاريخ ابن كثير: 50:8.
___________________________________ تاريخ ابن عساكر420 و 85 :4، ج 5، تاريخ ابن كثير: 50:8.
___________________________________ 57:1.
___________________________________ الاصابة 315:1.
وقالت عائشة: أما والله إن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا
___________________________________ الاغانى 16:11، تاريخ الطبرى 156:6، الكامل 209:4.
___________________________________ تاريخ ابن عساكر 86:4، تاريخ ابن كثير 55:8، الاصابة 315:1.
وقال مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام: يا أهل الكوفة! سيقتل فيكم سبعة نفرهم من خياركم بعذراء مثلهم كمثل أصحاب الاخدود. وفي لفظ: حجر بن عدي واصحابه كأصحاب الاخدود، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد
___________________________________ تاريخ ابن عساكر 66:4، تاريخ ابن كثير 55:8، شذرات الذهب 57:1.
وفيما كتب
___________________________________ مر تمام الكتاب في الجزء العاشر ص 161 و 160.
العابدين المخبتين؟ الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة والعهود المؤكدة جرأة على الله واستخفافا بعهده؟
أو لست بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة، فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من سقف الجبال؟
أو لست قاتل الحضرمي
___________________________________ يعنى شريك بن شداد الحضرمي، كان من أصحاب حجر الذين بعث بهم زياد إلى معاوية وقتل مع حجر.
هذا حجر وأصحابه، وأما غاية ذلك العبد الصالح والتابعين له باحسان في مواقفهم كلها فهي النهي عن المنكر الموبق من لعن مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام على صهوات المنابر فكانوا يغبرون في وجه من يرتكب تلكم الجريمة من عمال معاوية وزبانيته الاشداء على إمام الحق وأوليائه، ولم ينقم القوم منهم غير ذلك من عيث في المجتمع، أو إفساد على السلطان، أو شق لعصا المسلمين وكان حجر وهو سيد قومه يقول: ألا إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها سماع الله والناس. ويقول ليزيد بن حجية: ابلغ معاوية انا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها، وانه انما شهد علينا الاعداء والاظناء. ويقول: ما خلعت يدا عن طاعة ولا فارقت جماعة وإني على بيعتي. ولما ادخل على معاوية سلم عليه بإمرة المؤمنين
___________________________________ الاغانى 6:16، تاريخ الطبرى 153:6، الكامل لابن الاثير: 210:4، مستدرك الحاكم 470 و 469 :3، الاستيعاب 357:1، الاصابة: 315:1.
لم يكن صلاح الرجل وأصحابه يخفى على أي أحد حتى على مثل المغيرة الذي كان من زعانف معاوية الخصماء الالداء على شيعة أميرالمؤمنين علي عليه السلام فإنه لما اشير إليه بالتنكيل بحجر وأصحابه قال: لا احب أن أبتدئ أهل هذا المصر بقتل
خيارهم وسفك دماءهم، فيسعدوا بذلك وأشقى، ويعز في الدنيا معاوية ويذل يوم القيامة المغيرة، ورأى أصحاب معاوية منهم آخر ليلة حياتهم بعذراء حسن صلاة ودعاء فأعجبهم نسكهم وأكبروا موقفهم من طاعة الله غير أنهم ألقوا عليهم البراءة من علي أميرالمؤمنين عليه السلام بأمر من معاوية برائة يتبعها الامان والسلام فلم يفعلوا، فقتلوا في موالاة علي عليه السلام كما قاله الحاكم في المستدرك 470:3، وسمعت في كلمة الامام السبط عليه السلام قوله: أو لست قاتل الحضرمي الذي كتب إليك فيه زياد: أنه على دين علي كرم الله وجهه. فلم يك ذنبهم إلا موالاة من قرن الله ولايته بولايته وولاية رسوله.
ونحن لا ندري هل ثبت في الشريعة أن البراءة من إمام الهدى ولعنه مجلبة للامان على حين أن الرجل مستحق للاعدام؟ أو أن ذلك نفسه فريضة ثابتة قامت بها الضرورة من الدين فيهدر به دم تاركها، ويكون قتله من احب ما يكون إلى معاوية كما جاء فيما رواه ابن كثير في تاريخه 54:8 من أن عبدالرحمن بن الحارث قال لمعاوية: أقتلت حجر بن الادبر؟ فقال معاوية: قتله أحب إلي من أن أقتل معه مائة ألف.
نعم: نحن لا ندري، لكن فقه معاوية وشهواته يستسيغان ذلك، فلا يصيخ إلى نصح أي ناصح، فإنه لما استشار أصحابه في أمر حجر وهو في سجن عذراء قال له عبدالله بن زيد بن أسد البجلي: يا أميرالمؤمنين! أنت رأعينا ونحن رعيتك، وأنت ركننا ونحن عمادك، إن عاقبت قلنا: أصبت. وإن عفوت قلنا: أحسنت. والعفو أقرب للتقوى، وكل راع مسؤول عن رعيته
___________________________________ مستدرك الحاكم 469:3.
وما ذنب حجر وأصحابه الصلحاء ومن شاكلهم من أهل الصلاح وحملة الاسلام الصحيح إذ عبسوا على إمارة السفهاء؟ إمارة الوزع ابن الوزغ، إلى أزنى ثقيف مغيرة، إلى طليق إسته بسر بن أرطاة، إلى ابن أبيه زياد، إلى خليفتهم الغاشم ابن هند. و حجر وأصحابه هم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأخبتوا إلى ما جاء به نبي الاسلام، وقد صح عنه صلى الله عليه وآله انه قال لجابر بن عبدالله: أعاذك الله من إمارة السفهاء. قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: امراء يكونون بعدي لا يقتدون بهديي، ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فاولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردوا علي
حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم فاولئك مني وأنا منهم، و سيردوا علي حوضي
___________________________________ مسند أحمد 321:3.
وقال صلى الله عليه وآله: إن هلاك امتي أو فسادا امتي رؤس امراء اغيلمة سفهاء من قريش
___________________________________ مسند أحمد 520 و 328 و 304 و 299 :2.
___________________________________ مسند أحمد 243:4، تاريخ الخطيب 362:5.
وقال صلى الله عليه وآله: ستكون عليكم امراء تشغلهم أشياء عن الصلاة حتى يؤخروها عن وقتها، فصلوها لوقتها
___________________________________ مسند أحمد 315:5، تاريخ الخطيب 185:13.
ولم يكن لمعاوية عذر في قتل اولئك الصفوة إلا التشبث بالتافهات فكان يتلون في الجواب بمثل قوله: إني رأيت في قتلهم صلاحا للامة، وفي مقامهم فسادا للامة. وقوله: إني وجدت قتل رجل في صلاح الناس خيرا من استحيائه في فسادهم
___________________________________ تاريخ ابن كثير 55:8.
وبمثل قوله: لست أنا قتلتهم إنما قتلهم من شهد عليهم
___________________________________ تاريخ الطبرى 156:6، الاستيعاب 135:1.
وبمثل قوله: فما أصنع كتب إلي فيهم زياد يشدد أمرهم ويذكر انهم سيفتقون علي فتقا لا يرقع
___________________________________ الاستيعاب 134:1، اسد الغابة 386:1.
___________________________________ الاغانى 11:16، تاريخ الطبرى 156:6، كامل ابن الاثير 209:4.
___________________________________ سورة الحجرات: 6.
وبمثل قوله لعائشة لما عاتبته على قتله حجرا وأصحابه: فدعيني وحجرا نلتقي عند ربنا عزوجل. وقوله لها حين قالت له: أين عزب عنه حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه؟: حين غاب عني مثلك من حلماء قومي
___________________________________ الاغاني 11:16، الاستيعاب 134:1، اسد الغابة 386:1، تاريخ ابن كثير 55 :8.
___________________________________ سورة الاسراء: 33.
___________________________________ سورة النساء: 93 و 92.
___________________________________ سورة آل عمران: 21.
يلق أثاما؟!.
___________________________________ سورة الفرقان: 68.
أو لم يكف معاوية ما رواه هو نفسه عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله: كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا؟ مسند أحمد 96:4.
أو ما كتبه بيده الاثيمة إلى مولانا أميرالمؤمنين من كتاب: واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو تمالا أهل صنعاء وعدن على قتل رجل واحد من المسلمين لاكبهم الله على مناخرهم في النار؟.
أو ما رواه ابن عمر مرفوعا: لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما؟.
أوما جاء به البراء بن عازب مرفوعا: زوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق. رواه ابن ماجة والبيهقي، وزاد فيه الاصبهاني: ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لادخلهم النار.
وفي رواية لبريدة مرفوعا: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
وفي حديث لابي هريرة مرفوعا: لو أن أهل السماء وأهل الارض اشتركوا في دم مؤمن لاكبهم الله في النار.
ومن حديث لابن عباس مرفوعا: لو اجتمع أهل السماء والارض على قتل امرئ لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء.
ومن حديث لابي بكرة مرفوعا: لو ان أهل السماوات والارض اجتمعوا على قتل مسلم لكبهم الله جميعا على وجوههم في النار.
ومن طريق ابن عباس مرفوعا: أبغض الناس إلى الله ملحد في الحرم. ومبتغ في الاسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه، صحيح البخاري، سنن البيهقي 27:8.
ومن طريق أبي هريرة مرفوعا: من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله.
ومن حديث أبي موسى مرفوعا: أصبح أبليس بث جنوده فيقول: من أخذل اليوم مسلما ألبسه التاج. ويجئ هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته. فيقول: أوشك أن يتزوج. ويجئ هذا فيقول: لم أزل به حتى عق والديه. فيقول: يوشك أن يبرهما ويجئ هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك. فيقول: أنت أنت ويجئ هذا فيقول: لم أزل به حتى قتل فيقول: أنت أنت ويلبسه التاج.
ومن حديث عبدالله بن عمرو مرفوعا: من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وان ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما. وفي لفظ أحمد: من قتل نفسا معاهدة بغير حلها حرم الله تبارك وتعالى عليه الجنة لم يشم ريحها.
إلى أحاديث جمة اخرى أخرجها الحفاظ وأئمة الحديث في الصحاح والمسانيد وجمع شطرا منها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب 120:3 تا 123.
ما أحوج معاوية مع هذه كلها إلى نصح ضرائب عائشة في هذه الموبقة الكبيرة و هي نفسها لم تكترث لسفك دماء آلاف مؤلفة ممن حسبتهم أبنائها على حد قول الشاعر:
جاءت مع الاشقين في هودج++
تزجي إلى البصرة أجنادها
كأنها في فعلها هرة++
تريد أن تأكل أولادها
نعم: مضى حجر سلام الله عليه إلى ربه سجيح الوجه، وضئ الجبين، حميدا سعيدا مظلوما مهتضما، مضرجا بدمه، مصفدا بقيود الظلم والجور، خاتما حياته الحميدة بالصلاة، قائلا: لا تطلقوا عني حديدا، ولا تغسلوا عني دما، وادفنوني في ثيابي فإني مخاصم. وفي لفظ: فإنا نلتقي معاوية على الجادة.
___________________________________ مستدرك الحاكم 470 و 469 :3، الاستيعاب 135:1، كامل ابن الاثير 210:4، اسد الغابة 386:1، الاصابة 315:1.
___________________________________ مرح تمام حديث الحسن في ص 225 من الجزء العاشر.
ونحن على يقين من أن الله تعالى سيأخذ ابن آكلة الاكباد بما خطته يده
الاثيمة إلى أهل البصرة من قوله: إن سفك الدماء بغير حلها، وقتل النفوس التي حرم الله قتلها، هلاك موبق، وخسران مبين، لا يقبل الله ممن سفكها صرفا ولا عدلا
___________________________________ شرح ابن أبى الحديد 350:1.
قال النسابة أبوجعفر محمد بن حبيب البغدادي المتوفى 245 في كتابه "المحبر" ص 479: صلب زياد بن أبيه مسلم بن زيمر وعبدالله بن نجي الحضرميين، على أبوابهما اياما بالكوفة وكانا شيعيين وذلك بأمر معاوية. وقد عدهما الحسين بن علي رضي الله عنهما على معاوية في كتابه اليه: الست صاحب حجر والحضرميين اللذين كتب اليك ابن سمية أنهما على دين علي ورأيه، فكتبت إليه من كان على دين علي ورأيه فاقتله وامثل به، فقتلهما ومثل بأمرك بهما؟ ودين علي وابن عم علي الذي كان يضرب عليه أباك- يضربه عليه أبوك- أجلسك مجلسك الذي أنت فيه. ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين
___________________________________ كان المقريش في الجاهلية رحلتان كل عام: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام. وكان ابوسفيان يرءس العير التى تردد بين مكة والشام.
قال الاميني: هلموا معي يا أهل دين الله! هل اعتناق دين علي عليه السلام مما يستباح به دم مسلم، وتستحل المثلة والتنكيل المحظورة في الشريعة المطهرة، الممنوع عنها ولو بالكلب العقور؟ أليس دين علي هو دين محمد صلى الله عليه وآله الذي صدع به عن الله تعالى؟ نعم هو كذلك لكن معاوية حايد عن الدين القويم ولا يقيم له وزنا ما، ولا يكترث لمغبة هتكه، ولا يتريث عن الوقيعة فيه.
ومن الصلحاء الذين قتلهم معاوية بغير ذنب أتاه مالك بن الحارث الاشتر النخعي لله در مالك وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا، ولو كان من حجر لكان صلدا، على مثل مالك فليبك البواكي، وهل موجود كمالك؟ أشد عباد الله بأسا، وأكرمهم حسبا، كان أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، حسام صارم، لا نابي الضريبة، ولا كليل الحد، حكيم في السلم، رزين في الحرب ذو رأي أصيل، وصبر جميل.