مطارحات فی الفکر و العقیدة

مركز الرساله

نسخه متنی -صفحه : 155/ 62
نمايش فراداده

حيثُ ولّى بعضهم الاَدبار ، ثم ألم يسمع هذا الزاعم بالرزية كل الرزيّة على حدّ تعبير حبر الاُمّة عبد الله بن عباس ؟! وذلك : أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم طلب دواةً ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده ـ على حد تعبيره صلوات الله وسلامه عليه ـ فاختلفوا وتنازعوا ، وقالوا قولةً منكرة : إنه هَجَرَ ، حتى اضطر أنصاره فلطفوها بعبارة (قد غلبَ عليه الوجع) ، وإليك ذلك في صحاحهم:

جاء في صحيح البخاري «لما حُضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده ، فقال عمر : إنَّ النبي قد غَلَبَ عليه الوجع وعندكم القرآن: حسبنا كتاب الله ، فاختلف أهل الدار فاختصموا ، منهم من يقول قرّبوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوموا... (1).

ثم أين صاحب الاِشكال من قضية سرية أُسامة ، ومخالفتهم له صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر من مورد فيها ، حتى اضطر صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يخرج وهو في شدة مرضه ويجمعهم ويخطب فيهم قائلاً : أنفذوا جيش اُسامة ، لعن الله من تخلّف عن جيش اُسامة (2).

وأما مخالفاتهم بعد موته صلوات الله وسلامه عليه وآله وتبديلهم

(1) صحيح البخاري 1 : 37 كتاب العلم و 8 : 161 كتاب الاعتصام و 6 : 11 ـ 12 . وصحيح مسلم 3 : 1257 | 1637 آخر الوصية . ومسند أحمد بن حنبل 1 : 32 .

(2) الملل والنحل ، للشهرستاني 1 : 29 . وقريباً منه في : الطبقات الكبرى ، لابن سعد 2 : 248 . والكامل في التأريخ ، لابن الاثير 2 : 218 . ومغازي الواقدي 2 : 1121 .