له معرفة بفقه العربية ، فضلاً عمّن أحاط علماً بأجواء حديث الغدير ، والقرائن الحافة به، والشواهد المعززة والفهم العرفي للصحابة وغيرهم منه ، فالقوم شهدوا يومَ الغدير ، بعد رجوعهم من حجة الوداع ، بطلب الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم الاجتماع في ذلك المكان ، وفي مثل ذلك الحرّ القائظ وفي الهجيرة ، وفي مفترق الطرق ليبلّغهم ما أمره به ربُّه جلَّ وعلا وبعد أن مهّد لهم قائلاً : ألستُ أولى بكم من أنفسكم ؟ قالوا بلى يا رسول الله. ثم كررها عليهم ثم أعقبها قائلاً : من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللّهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله (1).
ولقد فهم الصحابة من ذلك بدون عناءٍ وتكلف أنه مولاهم بمعنى أميرهم ، فأسرعوا يسلّمون عليه بإمرة المؤمنين ، واستأذن الشاعر حسان بن ثابت أن يقول شعراً بالمناسبة وفيه تصريح وتهنئة بإمرة المؤمنين (2).
هذا ، وقد نزل قول الله تعالى بعد ذلك التبليغ مباشرةً ( اليَومَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وأتممتُ عَلَيكُم نِعمَتي ورَضِيتُ لَكُم الاِسلامَ دِينا ) (3)نقل
(1) مسند أحمد بن حنبل 4 : 281 ، وفي غير موضع . والغدير ، للعلاّمة الاميني ففيه كفاية لما نقله
من طرق الحديث ورواته الذين بلغوا حدّ التواتر .
(2) تجد تهنئة الشيخين وكبار الصحابة لاَمير المؤمنين عليه السلام بمناسبة يوم الغدير في : التفسير الكبير ،
للفخر الرازي في تفسير قوله تعالى : (
يا أيُّها الرسول بلغ..
وتجد شعر حسّان في تلك المناسبة أيضاً في : مناقب الخوارزمي : 135 | 152 . فرائد السمطين 1 : 73 | 39 . تذكرة الخواص : 80 . بحار الانوار 37 : 150 . سفينة البحار 2 : 306 .
(3) المائدة 5 : 3 .