عبد الكريم آل نجف
ما كادت الفضائل تجتمع في إنسان اجتماعها في علي بن أبي طالب(عليه السلام) وما كادت فضائله تبرز بروز علمه وفقهه وإحاطته بالأحكام والسنن والقضايا . ويكفيه منقبة في ذلك أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال في حقّه : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» 1 . فهو المفسِّر الأوّل والمتكلِّم الأوّل والفقيه الأوّل في الإسلام . رغم ما أبداه الزمان له من جفاء ومؤامرات وخيانة أدّت إلى إسدال الستار على الكثير من علومه وعطائه الثرّ للإسلام والإنسانية ، إلى الحدّ الذي يتقطّع معه المنصف ألماً وهو يرى صحيحي البخاري ومسلم في احتفاء تامّ بأسماء الضعفاء والنكرات في الموازين الصحيحة للدين والفقه بعيداً عن ضوضاء السياسة وصخبها ، أمثال أبي هريرة وعكرمة وكعب الأحبار بينما لم يرَ في أسانيدهما اسم علي بن أبي طالب(عليه السلام) إلاّ بنحو عفو الخاطر ، وعروض العارض الطارئ .
ومقتضى إمامته الفكرية على المسلمين الرجوع إليه فيما يعترض حياتهم من مشكلات فكرية ومطالب دينية ، ومن جملتها المطالب الفقهية .
والدراسة التي بين أيدينا محاولة لتسليط الضوء على ما وصل إلينا من تراث الإمام(عليه السلام) الفقهي في كتاب الحجّ من أبوابه المختلفة ، نأمل أن تكون موفّقة في تحقيق ما نتوخّاه من أغراض تتّصل بتخليد تراث الإمام الفقهي من جهة ، وتسليط أضواء علوية على فقه الحجّ من جهة ثانية .
ومصدر روايات وأحاديث هذه الدراسة يتمثّل بشكل أساس في :
1 ـ ما ورد في وسائل الشيعة للحرّ العاملي من أخبار وروايات نُسبت إلى الإمام علي(عليه السلام) وعالجت جوانب الحجّ المختلفة .
2 ـ ما جمعه الدكتور محمد روّاس قلعه چي في كتابه «موسوعة فقه علي بن أبي طالب» من أخبار وروايات عن الإمام علي(عليه السلام) في أبواب الحجّ المختلفة ، من مصادر الحديث والفقه والتفسير المختلفة لدى مذاهب الجمهور .
والمصدر الأوّل هو الأساس ، والمصدر الثاني جيء به لغرض المقارنة والإضافة المناسبة لموضوع البحث . وقد قسّمنا هذه الدراسة إلى أبواب بحسب الأبواب الفقهية المتعارفة في كتاب الحجّ قدر الإمكان بعد حذف الأبواب التي لم يرد فيها أثر عن الإمام علي(عليه السلام) .