ب ـ والأمر الثاني هو ما يظهر من اختلاف فيأقوال الأئمة بعضهم مع بعض وفي أقوالالإِمام الواحد في مقامات مختلفة مما يشكلعلامة استفهام ودفعاً لذلك قالوا بالتقيةحتى لا يبقى إشكال في ذلك، محصل قولهم ذكرهصاحب كتاب دراسات في الفرق والعقائد (1).
إنّ هذا الباحث يظهر من تصويره لمسألةالتقية عند الأئمة أنّه اختلط عليه المقسمبالقسم، وذلك أنّ الموردين الذين ذكرهماإنما هما من موارد تطبيق مبدإ التقية لاأنّ التقية اُنشئت من أجلهما، هذا مع أنّهذا الباحث هو الدكتور عرفان من أكثرالناس إنصافاً للشيعة فيها كتب عنهمبالقياس إلى غيره فانظر لما كتبه حولهم(2).وقد اعتبر كثير من الكتّاب أنّ موقفالإِمام الصادق عليه السلام من التشديدعلى التقية فيه ضعف وتخاذل بينما الواقعأنّ الإِمام بموقفه هذا حفظ أصحابه منهجمات شرسه فقدت صوابها ولم يعد لها منمنطق غير المخلب والناب وفي مثل هذاالحالات لا بد من الحكمة، وسأذكر لك صوراًمصغرة عما كان عليه الحال:
يقول الخطيب البغدادي بسنده عن أبيمعاوية قال: دخلت على هارون الرشيد فقاللي: لقد هممت أنّ من يثبت الخلافة لعليٍّأن أفعل به وأفعل قال أبو معاوية: فسكت،فقال لي: تكلم، قلت: إن أذنت لي؟ قال: تكلم،قلت: يا أمير المؤمنين قالت تيم منا خليفةرسول الله، وقال عدي منا خليفة رسول الله،وقالت بنو اُمية: منا خليفة الخلفاء، فأينحظكم يا بني هاشم، والله ما حظكم إلا ابنأبي طالب فسكت(3) لقد أحسن الرجل الدخولوعرف من أين يأتيه، وهنا نقول إذا كان منيذكر حق عليٍّ بالخلافة يصنع به ما يصنعفما رأي هؤلاء المتفيهقين في أيام الرخاءالذين لم تلفح وجوههم النار ولم يعضهمالحديد.
(1) دراسات في الفرق والعقائد ص53. (2) دراسات في الفرق والعقائد ص42. (3) الإِمام الصادق لأسد حيدر 2/310.