فصل الخِطاب من کتاب الله ، وحدیث الرسول ، وکلام العلماء فی مذهب ابن عبد الوهّاب

سلیمان بن عبدالوهاب النجدی الحنبلی

نسخه متنی -صفحه : 28/ 5
نمايش فراداده

يبدو من صدر الكتاب أن الشيخ سليمان كتبه بعنوان رسالة موجّهة إلى شخص يدعى باسم (حسن بن عيدان) .

ولم نتمكّن ـ فعلا ـ من التعرّف على شخصيّته والظاهر أنّه من المتعصّبين للدعوة ، وأنّه كان يُعاود مع المؤلّف حولها ، مراسلة : حيث قال المؤلّف .

«وأنت كتبت إليّ كثيراً ـ أكثر من مرّة ـ تستدعي ما عندي ، حيث نصحتك على لسان ابن أخيك» .

فيبدو أنّه كان محرّضاً، يكرر محاولته لاستفزاز المؤلّف ، فوجَه إليه هذا الخطاب الذي هو «الفصل» .

وقد بدأه المؤلّف بقوله :

«أما بعد ، من سليمان بن عبدالوهاب إلى حسن بن عيدان

سلام على من اتّبع الهدى...».

وهذه البداية تكشف عن شدة اهتمام المؤلّف بأمر الرجل ، بحيث لم يوجّه إليه السلام ، ليأسه من هدايته .

وإنّما جعل هذا الكتاب إطلاقة الخلاص لكلّ محاولاته التي كرّرها، لإغواء المؤلّف أو إغرائه .

فلم يجده إلاّ متصلّباً في التزامه بدين الحقّ .

محتوى الكتاب :

رتّب المؤلّف كتابه على مقدّمة وفصول ، كالتالي :

* ففي المقدّمة : أورد أهميّة أجماع الاُمة الإسلامية من وجوب اتباع ما أجمع عليه ، وعدم جواز الاستبداد بالرأي ، في ما يمتّ إلى الإسلام من عقيدة وتشريع .

ثمّ ذكر أنها أجمعت على لزوم توافر شروط للمجتهد الذي يجوز للناس تقليده وأخذ أحكام الدين منه ، ولمن يدّعي الإمامة!

وقد أكّد هذا ، بكلمات صريحة من أقطاب السلفية وكبرائهم ، خصوصاً ابن تيميّة وابن القيّم .

* ثم ذكر : أنّ الناس اُبْتلُوا ـ اليوم ـ بمن ينتسب إلى الكتاب والسنّة ، ويستنبط علومهما ، ولا يبالي بمن خالفه! وإذا طلبت منه أن يَعرض كلامه على أهل العلم ، لم يفعل .

بل ، يوجب على الناس الأخذ بقوله ، وبمفهومه .

ومن خالفه ، فهو ـ عنده ـ كافر!!

هذا ، وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال أهل الإجتهاد ولا ـ والله ـ عُشْر واحدة!!!

* ثمّ ذكر أن هذه الفرقة تكفّر اُمة الإسلام الواحدة المجتمعة على الحق؟!

وأورد الآيات والروايات الدالّة على أن الدين عند الله هو الإسلام ، وإنّ إظهار الشهادتين ، يحقن دم المسلم ، ويؤمنه على ماله وعرضه .

لكن الدعاة يُكفّرون المسلمين ، بدعوى أنهم مشركون؟! واعتمادهم على فهمهم الخاطىء لكلمة (الشرك) ثم دعواهم لصدق (الشرك) على أفعال المسلمين ، لا يوافقونهم عليها ، مع دعواهم مخالفة لإجماع الاُمة ، ولا يوافقهم أحد عليها ، فقال المؤلّف لهم :

«من اين لكم هذه التفاصيل؟

أاستنبطتم ذلك بمفاهيمكم؟

ألكم في ذلك قدوة من إجماع؟

أو تقليد من يجوز تقليده؟»

وهكذا ، يخطّئهم المؤلّف في فهمهم لمفردات الكلمات التي يكرّرونها ، ولا يفهمون معناها اللّغوي ولا العرفي الإصطلاحي .

ويخطؤون في تطبيقها على غير مصاديقها والسبب في ذلك : أنهم ليسوا من أهل العلم ، ولا أهل اللغة ، فلا يعرفون للكلمات مفهوماً ، ولا مصداقاً .

ثمّ حاول إثبات مخالفتهم في الفهم ، لصريح كلمات مَنْ يدّعون الاقتداء به ، واعتبروه «شيخاً لإسلامهم» وسلفاً لهم ، أمثال ابن تيميّة ، وكذلك ابن القيّم .

وهنا يكرّر المؤلّف على الدعاة ، بلزوم مراجعة أهل العلم والفهم ، لفهم كلمات العلماء .

* وهو يُحاسبهم في كل فصل ومسألة على لوازم آرائهم ، وما يترتب على فتاواهم الخاصة من التوالي الفاسدة ، فيقول:

«فكل هذه البلاد الإسلامية ، عندكم بلاد حرب ، كفّارٌ أهلها؟!

وكلهم ، عندكم ، مشركون شركاً مُخْرِجاً عن الملّة؟!

فإنّا لله ، وإنا إليه راجعون»

* ثم أورد ما ذكره ، ممّا انفردوا به ، من أسباب تكفيرهم للمسلمين ، وهي :

مسألة النذور .

والسؤال من غير الله .

وأتيت في الموضوعين كلمات ابن تيمية وابن القيم ، ودلّل على أنّهم لم يفهموا كلامهما ، وأن العبارات المنقولة ـ بطولها ـ تدل على خلاف غرضهم ، ومدّعاهم.

كما أن ما يقومون به من أعمال ، مخالفٌ بوضوح لما ذكره الشيخان من العبارات .

* ثم ذكر مسألة :

التبرك ، والتمسّح بالقبور ، والطواف(!) بها .

ونقل عن فقهاء الحنابلة ، عدم تحريمهم لها .

وهو مذهب أحمد بن حنبل!

* ثم ذكر معذوريّة الجاهل ، بإجماع أهل السنة وأنّ هذا أصلٌ من اُصولهم ، حتى اعترف به ابن تيمية وابن القيّم .

* ثم في الفصول التالية ، ذكر أصلا إسلاميّاً حاصله : أنّ الفرق المنتمية إلى الإسلام على فرض صدور شيء منهم يمكن تسميته «كفراً» : فليس كفراً مُخْرجاً لهم عن ملّة الإسلام ، ولا يصيرون بذلك مشركين .

فذكر من الفرق : الخوارج وأفكارهم، وأهل الردّة وأحكامهم ، والقدرية ومذاهبهم ، والأشعرية وآرائهم ، والمرجئة وأقوالهم ، والجهميّة ودعاواهم .

وقال: «إن مذهب السلف(!) عدم تكفير هذه الفرق ، حتّى مع شدّة انحرافهم ، فلم يكفرهم أحد حتى ابن تيميّة وابن القيّم !

ولم يحكم بكفرهم أئمة أهل السنة حتى الإمام أحمد بن حنبل رئيس المذهب .

ونقل عن ابن تيميّة بالذات : «ان تكفير المسلمين من أقبح البدع ، وأنّه الأصل للبدع الاُخرى .

وذكر المؤلّف : إنّ الدعاة تخالف جميع هذه الاُصول ، وجميع هذه الكلمات ، وجميع هؤلاء الأئمة حتى ابن حنبل ، وحتى ابن تيميّة وابن القيم .

* ثمّ ذكر أن ائمة المذاهب الأربعة : لا يلزمون أحداً بمذاهبهم الفقهية ، ولا آرائهم في العقيدة ، وإنّما وسعوا على الناس!

ولكن هؤلاء : أجبروا الناس على آرائهم بالنار والحديد ، والتخويف والتهديد .

* ثمّ نقل اتفاق أهل السنة على عدم التكفير المطلق للمسلمين .

لكن هؤلاء يخالفون ذلك .

* ثمّ ذكر أن الإيمان الظاهر ، باظهار الشهادتين ، هو الذي يحقن الدماء ، ويجري أحكام الإسلام ، وهذا مسلّم حتّى عند ابن تيميّة وابن القيّم .

لكن هؤلاء لا يقرّون بذلك .

* ثمّ ذكر أنّ من يُراد تقليده يجب ان تتوفر فيه شروط من علم الدين ، وأنّ هؤلاء ليسوا أهلا للاستنباط .

لأنهم لا يفهمون مراد الله في كتابه ، ولا معاني ألفاظ السنّة ، ولا كلام علماء الإسلام .

* ثمّ فصل البحث عن قضية (الحدود تُدْرءُ بالشُبهات) وأنّ المخالفين لهم الأدلة على ما يرون ، فلابدّ أنْ يدفع عنهم ذلك اسم الكفر والشرك ، الذي يكيله الدعاة على من لا يُوافقهم ، ويقومون بمجرد ذلك بالغارة والقتل والضرب والإيذاء .

وأتيت نصّاً من ابن تيميّة يدل على إعذار المسلمين .

* ثمّ قال: «أتظنون أن هذه الأمور ، التي تكفّرون فاعلها ، إجماعاً؟ وتمضي قرون الأئمة من ثمانمائة عام ، ومع هذا لم يُرْوَ عن عالم من علماء المسلمين أنّها (كفرٌ)؟!

بل ما يظنّ هذا عاقل .

بل ـ والله ـ لازم قولكم أنّ جميع الأمّة بعد زمان الإمام أحمد ، علماؤها واُمراؤها وعامّتها ، كلّهم (كفّار) مرتدّون !

فإنّا لله وإنا إليه راجعون .

وا غوثاه إلى الله ، ثمّ وا غوثاه إلى الله ، ثمّ وا غوثاه !!!

أم تقولون : ـ كما يقول بعض عامتكم ـ : إنّ الحجّة ما قامت إلاّ بكم ، وإن قبلكم لم يعرف دين الإسلام!!

يا عباد الله ، انتبهوا .

إنّ مفهومكم : }أنّ هذه الأفاعيل من الشرك الأكبر{ مفهومٌ خطأ .

* ثمّ ذكر ما دلّ على نجاة الأمة الإسلامية حسب النصوص في فصول .

* ثمّ ذكر حقيقة الشرك وأقسامه .

* ثمّ ذكر حقيقة الإسلام وصفة المسلم من خلال (52) حديثاً مستخرجاً من الصحيحين ومسند أحمد ، والسنن والجوامع المشهورة .

مستشهداً على صحة إسلام أهل الفرق الإسلاميّة كافّة ، ونجاتهم يوم القيامة ، وعدم تجويز تكفيرهم ، فضلا عن قتلهم ونهب أموالهم ، وسبي نسائهم وذراريهم !

كما فعله الدعاة ، ويفعلونه اليوم في مناطق من العالم الإسلامي .

وبذلك بهت أصحاب الدعوة السلفية الوهابيّة ، امام حجج هذا الكتاب ، فلم يتعرّضوا له ، إلاّ بالإغفال والترك!

وقد اعترفوا على لسان مشهور حسن الأردني(!) : أنّ جماعات من أهل نجد (بلاد الوهابية) رجعوا إلى الإسلام ، ونبذوا الدعوة وتحرّروا من أغلالها ، والتزموا الحقّ الذي أثبته هذا الكتاب ، والحمد لله ربّ العالمين .

مزايا الكتاب :

من خلال عملنا في الكتاب ، وقفنا على مزاياه التالية :

1 ـ منطقيّة البحث فيه ، ومعالجته للأفكار من الجذور ، فهو يحرقها من اُصولها ثمّ يتدرّج إلى أن يفحم الخصم .

2 ـ الاعتماد المباشر على الآيات ، ثمّ أحاديث السنّة ، المأخوذة من الصحيحين ، ثمّ كلمات العلماء ، خصوصاً سلف الدعاة ، وهما ابن تيمية وابن القيم . الرجلان اللّذان يحتجّ بهما اولئك ويعتبرونهما (شيخا إسلامهم) .

3 ـ مناقشتهم في (فهم) العبارات وألفاظ الكتاب والسنّة ، وإثبات عدم معرفتهم لأساليب الكلام ولا فهم الألفاظ .