ذكر هذا الاسم لمكة في موردين من كتاب الله، حيث يقول تعالى :
{ وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدّق الذي بين يديه ولتنذر أُمَّ القرى ومن حولها}53.
{ وكذلك أوحينا إليك قرءآناً عربياً لتنذر أمّ القرى ومن حولها . . . }54.
وثمة في روايات أهل البيت(عليهم السلام) ما يفيد أيضاً أنَّ أُمَّ القرى أحد أسماء مكة.
وفي سبب التسمية وبواعثها وجوه، وهي :
أ : لكونها أصل جميع المدن من بعدها، فهي أول مدينة على سطح الأرض، وفي هذا روايات تؤكد أنَّ مكة أول بقعة من اليابسة55 ، ثم امتدت الأرض منها. ذكر هذا الوجه الفخر الرازي في التفسير الكبير56 ، وقد نسبه مؤلف «جامع اللطيف» إلى ابن عباس وابن قتيبة.
ب : سميت كذلك «لأنها أعظم القرى شأناً ». وقد نسب قطب الدين نهروالي هذا الرأي لابن عباس57 .
ح : سميت أم القرى لأنها قبلة جميع الناس يؤمونها.
د : أنها أصبحت أم القرى لوجود بيت الله الحرام فيها، فالبقعة التي تشرّفت بوجود البيت، يكون لها السبق على ما سواها من المدن وتقدم عليها، فهي لها أمٌّ 58 .
هـ : وذهب البعض للقول ؛ إنها سميت كذلك لأنها أمان لأهل باقي المدن، والماكث فيها يأمل رحمة الله ـ سبحانه ـ59 .
يقول تعالى : { وضرَبَ الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنةً يأتيها رزقُها رغَداً من كلّ مكان }60.
والقرية في لغة العرب، هي المكان الذي يجتمع فيه عدد كثير من الناس ؛ لذا يقال للماء حين يجتمع بكثرة في مكان واحد : «قَرِيَ الماء».
وقد ذكر الفاكهي نقلاً عن مجاهد أنَّ المراد من القرية في الآية الكريمة، هي مكة61 .
يقول تعالى : { إنَّ الذي فَرَضَ عليك القرآن لرادُّكَ إلى معاد }62.
فقد ذهب أكثر المفسرين إلى أنَّ {معاد} هي مكة المكرمة، كما ذكر ذلك الفخر الرازي في تفسير الآية، حيث رجح هذا الرأي على جملة من الاحتمالات التي ذكرها، واعتبره أقرب للواقع63 .
أما الطوسي في التبيان فقد نسب القول بهذا الرأي لابن عباس64 .
والعلاّمة الطباطبائي، ذكره في الميزان إلى جوار احتمالات أُخرى65 .
أما البخاري والنسائي فقد رفعاه بأكثر من طريق لابن عباس66 .