حجر الأسود

محسن الأسدی

نسخه متنی -صفحه : 15/ 12
نمايش فراداده

باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف

قوله «قبل عمر بن الخطاب الحجر ثم قال أم والله لقد علمت أنك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقبلك ما قبلتك» وفي الرواية الأخرى وإني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع. هذا الحديث فيه فوائد منها استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف بعد استلامه، وكذا يستحب السجود على الحجر أيضاً بأن يضع جبهته عليه، فيستحب أن يستلمه ثم يقبله ثم يضع جبهته عليه هذا مذهبنا ومذهب الجمهور وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد قال وبه أقول قال وقد روينا فيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وانفرد مالك عن العلماء فقال: السجود عليه بدعة واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء وأما الركن اليماني فيستلمه ولا يقبله بل يقبل اليد بعد استلامه هذا مذهبنا وبه قال جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وقال أبو حنيفة لا يستلمه وقال مالك وأحمد: يستلمه ولا يقبل اليد بعده وعن مالك رواية أنه يقبله وعن أحمد رواية أنه يقبله والله أعلم. وأما قول عمر لقد علمت أنك حجر واني لأعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع فأراد به بيان الحث على الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه وسلم) في تقبيله ونبه على أنه لولا الاقتداء به لما فعله. وانما قال وإنك لا تضر ولا تنفع لئلا يغتر بعض قريبي العهد بالإسلام الذين كانوا ألفوا عبادة الأحجار، وتعظيماً ورجاء نفعها وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها، وكان العهد قريباً بذلك فخاف عمر أن يراه بعضهم يقبله ويعتني به فيشتبه عليه فبين أنه لا يضر ولا ينفع بذاته، وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع بالجزاء والثواب، فمعناه أنه لا قدرة له على نفع ولا ضر، وأنه حجر مخلوق كباقي المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع، وأشاع عمر هذا في الموسم; ليشهد في البلدان ويحفظه عنه أهل الموسم المختلفوا الأوطان والله أعلم. قوله «رأيت الأصلع» وفي رواية الأصيلع يعني عمر فيه أنه لا بأس بذكر الإنسان بلقبه ووصفه الذي يكرهه، وإن كان قد يكره غيره مثله. قوله «رأيت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بك حفياً» يعني معتنياً.