تعریف بکتاب اخبار مکة للفاکهی

محمد علی مهدوی راد

نسخه متنی -صفحه : 10/ 7
نمايش فراداده

أُسلوب الفاكهي في تدوين الكتاب ونقل النصوص

:

اتّضح لنا ـ من خلال الخلاصة التي استعرضناها لموضوع الكتاب ـ الأُسلوب الذي اتبعه الفاكهي في تحريره . ونحاول فيما يلي التوسع في شرح هذا الموضوع . فهذا الكتاب يحتوي على ما يقارب الثلاثة آلاف حديث ونصّ ورواية ، وقد وردت جميعها مؤيّدة بأسانيدها : وقد راعى المؤلف في نقله لتلك الأحاديث جميعَ الأصول المتّبعة في النقل والرواية وبشكل دقيق . فهو يصرّح أحياناً بأنه سمع الحديث (ج3 ، 222) ، ويشير في أماكن أُخرى بأنّه قد استقاه من مصدر آخر وعرضه على «شيخه في الحديث» ، ويظهر في أحيان أُخرى بأنه نقل النص «إجازةً» (ج3 ، 174) . ويضيف في بعض المواضع قرائن أخرى لعملية النقل ليثبت أن سَماعهُ كان قطعياً (ج5 ، 14 الرقم 2733) ، ويذكر أحياناً المكان الذي سمع فيه الحديث (ج3 ، 134 ـ ج2 ، 135) وإذا شكّ بكلمة في الحديث فإنّه يشير إليها (ج2 ، 111) . ويصرّح كذلك بذكر المحدثين الذين رآهم وكانوا واسطة له في نقل جميع هذه الروايات (ج2 ، 303) . وإذا ورد أيُّ تصحيف في نصّ الحديث فهو يصرّح به ، ويشير إليه مذكّراً به بعد نقل الحديث (ج3 ، 34 ـ ج4 ، 30) . وهو مع كل هذا يعطي رأيه في بعض الأوقات في كيفية الحديث وصحّته أو سقمه (ج3 ، 160) .

ومن بعد هذا يَحسُن بنا القول بأنَّ الفاكهي قد ولد بمدينة مكّة ، ونما وترعرع بين ربوعها ، وعلى هذا فإن القسم الأعظم من الكتاب يتألّف من أوصاف وتصاوير تمّت مشاهدتُها عياناً ومن غير واسطة ، وقائمة على الدقّة والأمانة . ولم يكتف المؤلف بنقل الآثار والأخبار بل إنّه نقدها وأعطى رأيه فيها بعد دراسته وتمحيصه لها . وتتجلّى هذه المسألة على أشدّها في البحوث الفقهية ، ولا سيما تلك المتعلّقة منها بالطواف والسعي والإحرام والوقوف في عرفة وتحديد مواقع وحدود الأماكن المقدّسة والتاريخية .

وللأدب العربي في هذا الكتاب أيضاً مكانته الرفيعة والمرموقة . فهو يستعرض الأشعار العربية في المناسبات المختلفة ، ويكون بهذا قد مزج بحوث الكتاب بصبغة الأدب العربي وخلّف وراءه أثراً أدبياً طريفاً . ومن الأوجه الأخرى التي تستوجب الثناء في كتاب الفاكهي هو تنوّع المآخذ وتعدد مصادر النقل . وإلى جانب كل هذا ينبغي القول : إنّه قد بذل جهداً مضنياً في جمع وتبويب الأخبار ، ونقل الأسانيد بدقّة متناهية لكي يبقي الأبواب مُشرعة أمام المحقّقين اللاحقين لنقد وتقييم الأُسلوب الذي اتّبعه في نقله .