فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیلة

یوسف صانعی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

نسخه متنی -صفحه : 118/ 108
نمايش فراداده

القسم الثاني : في قصاص ما دون النفس

(مسألة 1) : الموجب له هاهنا كالموجب في قتل النفس (1) . وهو الجناية العمديّة مباشرة أو تسبيباً حسب ما عرفت . فلو جنى بما يتلف العضو غالباً فهو عمد (2) ; قصد الإتلاف به أو لا ، ولو جنى بما لايتلف به غالباً ، فهو عمد مع قصد الإتلاف ولو رجاءً .

قصاص الطرف

(1) الدليل على الإيجاب للقصاص هاهنا الكتاب من عموم مثل قوله تعالى : (وَجَزَاؤُاْ سَيِّئَة سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا)[1619] ، و قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيـوةٌ يَـا أُوْلِي الاَْلبَابِ)[1620] إن لم يكن الألف واللام للعهد الذكري ، ومن خصوص قوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصـاصٌ)[1621] وقوله : (وَالحُرُماتُ قِصـاصٌ)[1622] .

والسنّة من الأخبار الكثيرة المتواترة في خصوصيّات المسألة ومواردها الدالّة على الفراغ من الأصل ، بل لك أن تقول : الدليل عليه ضرورة الفقه الإسلامي.

(2) لملازمة القصد بالجناية المتلفة للعضو غالباً مع قصد الإتلاف ارتكازاً .

(مسألة 2) : يشترط في جواز الاقتصاص فيه ما يشترط في الاقتصاص في النفس ; من التساوي في الإسلام والحرّيّة وانتفاء الاُبوّة وكون الجاني عاقلاً بالغاً ، فلايقتصّ في الطرف لمن لايقتصّ له في النفس (3) .

ولك أن تقول : القصد إلى الجناية كذلك أمارة عرفيّة على قصد الإتلاف .

هذا مع أنّ الظاهر عدم الاحتياج إلى الاستدلال بالملازمة أو الأخبار كما فعله الأخيار ; لكفاية آية القصاص في ذلك ، فإنّ القصاص المتابعة والمقابلة بالمثل ، فقصاص الجاني بالآلة القتّالة وما به يقتل غالباً من حيث المكان أو الزمان أو الخصوصيات الاُخرى الجناية عليه بمثل تلك الآلة الملازم لقتله ، ولعلّ ما في الأخبار ناظر إلى ذلك الوجه ، لا التعبّد أو مسألة الملازمة والقصد إلى القتل ارتكازاً ، فتدبّر جيّداً فإنّه وجه جيّد دقيق .

فيما يشترط في قصاص الطرف

(3) قد مرّ في قصاص النفس عدم شرطيّة الإسلام فيه ، فكذلك الأمر في قصاص الطرف ; قضاءً لعموم قوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصـاصٌ)[1623] ، وقوله : (وَالحُرُمـاتُ قِصـاصٌ)[1624] ولما مرّ من إباء مثل هذه الألسنة عن التخصيص .

وأ مّا انتفاء الاُبوّة فليست شرطاً في المقام ; لعدم الدليل عليه لا من النصّ ولا غيره ، وإلغاء الخصوصيّة من القتل إلى القطع كما ترى ، ولم أجدها مذكورة في مثل «الشرائع» المعدّ لتنظيم الأبواب والشرائط والموانع فضلاً عن غيره ، والمتن متفرّد بذكرها من الشرائط ، وهو أعلم بما ذكره وأفتى به وإن كان الحقّ عدم الاعتبار والشرطيّة لها .

والدليل على اعتبار الكمال هنا هو الدليل على اعتباره في قصاص النفس ، والعمدة فيه عدم صدق العمد المعتبر في القصاص مطلقاً في الصبي غير المميّز الذي يكون كالمجنون في عدم العمد له ، فعمدهما كالعدم وكعمد الحيوان ، فكما لاجزاء في عمله فكذا في عملهما .

وقد مرّ أنّ المراد من الصبي المقارن مع المجنون في كون عمدهما خطأ تحمّله العاقلة غير المميّز منه ، بمناسبة الحكم والموضوع ووحدة السياق . فإنّ الدية على العاقلة عقلاءً وعرفاً تكون مسبّبة من عدم ردعه ومنعه ، وهذا إنّما يتمّ في غير المميّز كما كان تامّاً في المجنون ، وحمل الحكم فيهما على التعبّد والأخذ بإطلاق الصبي كما ترى ، فإنّه مخالف للظاهر لتلك المناسبة العرفيّة أوّلاً .

وإثبات مثل ذلك التعبّد لمثل هذه من الرواية أو الروايتين أو الثلاث بل والزائد عليها مالم تصل الروايات إلى بيان شائع رائج مشكل بل ممنوع ثانياً ، فإنّ الحكمة مقتضية لبيان الشارع الحكيم مثل ذلك التعبّد ، بياناً رائجاً شائعاً واضح الدلالة بحيث يكون البيان كافياً ووافياً ولا يشوبه الشكّ في إعماله التعبد سنداً ودلالة .

وبالجملة : بناء العقلاء على حجّيّة الخبر أو الخبرين وما زاد عليه في بيان مثل التعبّد كذلك ممنوعة ، أو لا أقلّ من عدم كونها محرزة ، فتدبّر جيّداً في هذه النكتة فإنّها نافعة لك في الفقة نفعاً كثيراً .

(مسألة 3) : لايشترط التساوي في الذكورة والاُنوثة ، فيقتصّ فيه للرجل من الرجل ومن المرأة من غير أخذ الفضل . ويقتصّ للمرأة من المرأة ومن الرجل ، لكن بعد ردّ التفاوت فيما بلغ الثلث كما مرّ (4) .