فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیلة

یوسف صانعی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

نسخه متنی -صفحه : 118/ 72
نمايش فراداده

القسامة في الأعضاء

(8) القسامة في الأعضاء ثابتة بلا خلاف أجده ، بل ظاهر «المبسوط» و «الخلاف» إجماعنا عليها ، خلافاً للعامّة ، ففي «المبسوط» : «فأ مّا إذا كانت الدعوى دون النفس فعندنا فيه قسامة وعندهم لا قسامة فيها»[1118] .

وفي «الخلاف» : «مسألة 12 : يثبت عندنا في الأطراف قسامة مثل العينين واللسان واليديـن والـرجلين والشمّ وغير ذلك . وقال جميع الفقهاء : لا قسامـة في الأطراف»[1119] .

والوجه في الثبوت ـ مضافاً إلى نفي الخلاف والإجماع ـ الاشتراك في حكمة مشروعيّتها والنصوص الخاصّة التي تسمعها .

وهل يعتبر اقتران الدعوى مع التهمة كما في النفس أم لا ؟ ظاهر مثل عبارة«النافـع»[1120] وصريـح «الشرائـع»[1121] وجماعـة منهم الحلّي[1122] الأوّل ، قيل :

وهل القسامة فيها خمسون في العمد وخمس وعشرون في غيره فيما بلغت الجناية الدية ـ كالأنف والذكر ـ وإلاّ فبنسبتها من خمسين يميناً في العمد ، وخمس وعشرين في الخطأ وشبهه ، أو ستّة أيمان فيما فيه دية النفس ، وبحسابه من الستّ فيما فيه دون الدية ؟ الأحوط هو الأوّل ، والأشبه هو الثاني (9) .

مدّعياً فـي ظاهـر كلامه الإجماع عليه ، ويدلّ عليه بعض ما قدّمناه مـن أدلّـة اعتبار اللوث في النفس .

وظاهر «المبسوط»[1123] بل صريحه الثاني ، وهـو المحكي عـن أكثر العامّـة أو جميعهم عـدا الشافعي في تفصيل لـه ، وحجّته غير واضحة سيّما فـي مقابل تلك الأدلّة . والاستدلال له بما في «الجواهر» : «ولعلّه لإطلاق النصوص السابقة كون اليمين على المدّعي في الدم المقتصر في تقييدها باللوث على النفس دون الأعضاء»[1124] ففيه : أ نّه مقيّد بما عرفت ، مضافاً إلى إجماع «السرائر»[1125] .

(9) وجه أحوطيّة الأوّل ـ وهو المحكي عن المفيد في كتاب «أحكام النساء»[1126] وسلاّر[1127] وابن إدريس[1128] بل عن الأخير : ادّعاء الإجماع عليه ـ واضح . واستدلّ له بأنّ القسامة مخالفة للأصل ، فيقتصر فيها على المتيقّن الذي هو الخمسون مطلقاً أو في خصوص العمد والخمس وعشرون في الخطأ ، وبإطلاق بعض النصوص[1129] في أنّ القسامة في العمد خمسون وفي الخطأ خمس وعشرون ، وبإجماع «السرائر»[1130] المعتضد بدعوى الشهرة عن بعضهم .

وفي الوجوه ما لا يخفى :

أ مّا الاقتصار ، فلا وجه له بعد وجود المعتبر من النصوص المستدلّ به للثاني ، كما يأتي ، فإنّ الاقتصار على المتيقّن تامّ مع عدم الحجّة على خلافه وعلى الزائد عليه .

وأ مّا الإطلاق ، فالمنصرف مـن مثله مـن المقابلة بين العمد والخطأ هـو القتل دون غيره مـن الأعضاء ، فإنّهما المذكـوران في كتاب الله والمتعارف فـي التعبير كذلك .

وأ مّـا الإجماع ، ففيـه احتمال أنّ الثبوت بالخمسين متيقّن لا متعيّن بل لعلّـه الظاهـر ، وإلاّ كـان إجماعه بيّن الخطأ ، ضرورة كـون المشهور بين مـن تقدّم عليه خلافه .

نعم ، ربّما كان ذلك مشهوراً بعده مع أ نّه غير محقّق أيضاً ; لأ نّـه خيرة الفاضل في بعض كتبه[1131] ، والشهيدين[1132] ، والمقداد[1133] . وعلى تقديره فهو معارض بالشهرة القديمـة المحقّقة التي لا يقدح فيها خـروج المفيد وسلاّر ، وربّما كان العـذر لابن إدريس عـدم عمله بأخبار الآحاد وإن صحّت ، أ مّا غيره فلا عـذر له إلاّ ظنّ ضعيف .

وأ مّا الثاني (وهو كفاية ستة أيمان في الأعضاء فيما فيه ديـة النفس وبحسابه من الستّ فيما فيه دون الدية) فهو خيرة الشيخ[1134] وأتباعـه ، وعـن ظاهـر «خلافه»[1135] و «مبسوطه»[1136] : الإجماع عليه ، بل في «الغنية»[1137] : الإجماع عليه صريحاً .

وهو الأشبه الأقوى ; للمروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في «الكافي»[1138] و «التهذيب»[1139] و «الفقيه»[1140] بطرق فيها الموثّق والحسن بل والصحيح كما في«الجواهر»[1141] و «الرياض»[1142] وغيرها من أ نّه «والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلاً ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين رجلاً ، وعلى مابلغت ديته من الجروح ألف دينار ستّة نفر ، وما كان دون ذلك فحسابه من ستّة

وعليه ففي اليد الواحدة أو الرجل الواحدة ـ وكلّ ما فيه نصف الدية ـ ثلاث أيمان ، وفيما فيه ثلثها اثنتان وهكذا ، وإن كان كسر في اليمين اُكمل بيمين ; إذ لا تكسر اليمين ، فحينئذ في الإصبع الواحدة يمين واحدة ، وكذا في الأنملة الواحدة ، وكذا الكلام في الجرح ، فيجزي الستّ بحسب النسبة ، وفي الكسر يكمل بيمين (10) .

نفر» إلى أن قال : «وتفسير ذلك»[1143] إلى آخر ما ذكره ممّا هو نحو ما عند الأصحاب ، إلاّ أنّ الظاهر كون قول : «وتفسير ذلك» إلى آخره من الكليني لا من الرواية ، كما لا يخفى على من تأ مّل ، وقد اعترف به بعض الأفاضل ، لكن يكفينا في الاستدلال ما قبل قوله : «وتفسيره» مؤ يّداً ذلك بأنّ الجناية هنا أخف ، فناسبها التخفيف في اليمين .

(10) الأخذ بالنسبة مضافاً إلى أ نّه مقتضى القواعد واعتبار العقلاء فـي مثل المورد ، ومضافاً إلى ما في «الكافي» من قوله : «وتفسير ذلك . . . »[1144] إلى آخره.

فإن كان من المعصوم فحجّة ، وإن كان من الكليني ـ كما هو الظاهر ـ فمؤيّد الدليل عليه ما في ذلك المرويّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام) الحجّة على المسألة ، ففيه : «وما كان دون ذلك فحسابه من ستّة نفر» .

ثمّ إنّه لا اختصاص للأخذ بالنسبة بالقول الثاني في المسألة بل يأتي على الأوّل أيضاً ، لكن يبدّل فيه الستّة بالخمسين ، والثلاثة بالخمسين وعشرين ، والواحدة بالخمس ، وهكذا .

(مسألة 8) : يشترط في القسامة علم الحالف ، ويكون حلفه عن جزم وعلم ، ولا يكفي الظنّ (11) .

(مسألة 9) : هل تقبل قسامة الكافر على دعواه على المسلم في العمد والخطأ في النفس وغيرها ؟ فيه خلاف ، والوجه عدم القبول (12) .

(11) بلا خلاف ولا إشكال ، ولذا لم يقسم الأنصار ، وتحقيق المسألة في كتاب القضاء ، ولكن في «كشف اللثام» عن الشيخ : «في «المبسوط» الاكتفاء بالظنّ ، وهو بعيد»[1145] .

قلت : كأنـه (رحمه الله) لحـظ أوّل كلامـه الـذي هـو للعامّة ، وإلاّ فإنّـه قد صـرّح في المقام وغيره على ما فـي مبسوطـه بأ نّـه «لا يجـوز عندنا أن يحلف إلاّ على علم»[1146] .