فقه الثقلین فی شرح تحریر الوسیلة

یوسف صانعی؛ شارح: روح الله خمینی(ره)

نسخه متنی -صفحه : 118/ 75
نمايش فراداده

جريان القسامة مع غيبة بعض الأولياء

(4) دليل جريان القسامة في الفرض إطلاق أدلّتها ، وأ مّا عدم وجوب الانتظار فلأ نّه إذا جاز القصاص مع غضّ الباقين فمع الغيبة أولى ، ولقاعدة تسلّط كلّ ذي حقّ على حقّه ، وعدم الضرر والضرار ، وأصالة البراءة عن شرطيّة حضور الغائب في جواز الاستيفاء .

هذا مضافاً إلى اعتضاد تلك الوجوه بالمحكي من إجماع الشيخ في «الخلاف» وظاهر «المبسوط» والسيّدين علم الهدى وأبي المكارم[1169] .

ثمّ لو حضر الغائب وأراد استيفاء حقّه ، قالوا : حلف بقدر نصيبه ، فإذا كان واحداً ففي العمد خمس وعشرون ، وإن كان اثنين فلكلّ ثلث ، وهكذا ، وفي الكسور يجبر بواحدة . ويحتمل ثبوت حقّ الغائب بقسامة الحاضر أو يمينه . ويحتمل التفصيل بين قسامة الحاضر ، فيقال بثبوت حقّ الغائب بها ويمينه خمسين يميناً مع فقد القسامة ، فيقال بعدم ثبوته بها . ويحتمل ثبوت حقّ الغائب بضمّ يمين واحدة إلى عدد القسامة ، ومع فقدها ويمين الحاضر ضمّ حصّته من الأيمان . ويحتمل عدم ثبوت دعوى الغائب إلاّ بخمسين قسامة ، ومع فقدها يحلف خمسين يميناً كالحاضر . ولو كان الغائب أزيد من واحد وادّعى الجميع ، كفاهم خمسين قسامة أو خمسين يميناً من جميعهم ، أقوى الاحتمالات الأخير ، سيّما إذا ثبت حقّه بخمسين يميناً منه ، ويأتي الاحتمالات مع قصور بعض الأولياء (5) .

(5) الاحتمالات المذكورة خمسة ، ودونك وجوهها :

وجه الأوّل : أنّ إلزام الأوّل بالخمسين يكون على الأصل ، وأ مّا إلزام الغائب بقدر حصّته بالنسبة إلى المدّعين فليس على الغائب إلاّ المقدار الذي عليه لو كان حاضر مع الحاضر .

وجه الثاني : أنّ الذي يظهر من نصوص القسامة بل وما سلف من الفتاوى ، أ نّها إذا حصلت القسامة أو الأيمان ثبت الحقّ لأهله من غير فرق بين الحالف منهم وغيره مع فرض كونه مدّعياً ، كما أ نّه يظهر منهما عدم لزوم توزيع الحلف على المدّعين على قدر نصيبهم على وجه إن لم يحصل اليمين من بعضهم على قدر استحقاقه لم يثبت له حقّ .

وجه الثالث : كون القسامة كالبيّنة ، فمع تحقّقها يثبت الحقّ المشترك بين الحاضر والغائب ، فلا حاجة للغائب إلى إثباته ، وهذا بخلاف الأيمان فإنّها كاليمين للمنكر قاطعة للدعوى .

وجه الرابع : ـ أي ضمّ يمين واحدة إلى عدد القسامة لو كان الغائب واحداً مثلاً ، ومع فقدها ويمين الحاضر ضمّ حصّته من الأيمان ، وبهذه النسبة مع كون الغائب أكثر من واحد ـ عدم خلوّ حقّ الغائب من اليمين .

وجه الخامس : كون دعـوى الغائب غير دعـوى الحاضر ، فلابدّ له مـن حلف تمام الخمسين كالحاضر ، إذ لا قسامة مثبتة للحـقّ دون ذلك . لكن هـذا مناف لما ذكروه .

بل أرسلوه إرسال المسلّم من حلف الغائب بقدر حصّته وإن كان موافقاً مع الاقتصار على المتيقّن حيث إنّ القسامة على خلاف الأصل ، والمتيقّن منها كونها خمسين على كلٍّ من الحاضر والغائب مطلقاً ، وهو الأحوط بل الأقوى كما في المتن ; لأ نّه بعد ما لم تكن حجّة وكان الباب باب الاحتمال ، فالمورد من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير بعد عدم كون واحد من الأربعة على اللزوم ، كما هو واضح ، والحكم فيه التعيين .

وما فـي المتن مـن كفايـة الخمسين للغائب الأزيد مـن الواحـد وادّعائهم الجميع ، فالظاهـر لكونهم كالحاضرين من أوّل الأمـر وقصور بعض الأولياء كغيبتـه فـي جريان الاحتمالات ، حيث إنّ القصور مـن جهـات اُخـرى كـالقصور في الغيبة في عدم القدرة على القسامة والحلف ، فإنّ حلف الصغير والمجنون كعدمه .

(مسألة 5) : لو كذّب أحـد الوليّين صاحبـه لم يقدح في اللوث فيما إذا كانت أمارات على القتل . نعم لايبعد القدح إذا كان اللوث بشاهد واحد مثلاً . والمقامات مختلفة (6) .

(مسألة 6) : لو مات الوليّ قبل إقامة القسامة أو قبل حلفه ، قام وارثه مقامه في الدعوى ، فعليه إذا أراد إثبات حقّه القسامة ، ومع فقدها خمسون أو خمس وعشرون يميناً . وإن مات الوليّ في أثناء الأيمان فالظاهر لزوم استئناف الأيمان . ولو مات بعد كمال العدد ثبت للوارث حقّه من غير يمين (7) .

(6) القدح وعدم القدح تابع للمقامات ، والمقامات مختلفة فإنّه ليس للوث ضابطة معيّنة غير مختلفة بحسب المقامات بل لا يمكن فيه تلك الضابطة ، حيث إنّ المعيار في اللوث إمّا هو الظنّ أو الظنّ الغالب القريب للعلم والاطمئنان ، فلابدّ فيه إلاّ من الاختلاف في حصوله باختلاف المقامات والأمارات .

(7) قيام الوارث مقام الوليّ في الدعوى إنّما يكون من جهة إرثه الحقّ ، أي حقّ الدعوى الذي كان لمورّثه ، «ما ترك الميّت من حقّ أو مال فلوارثه»[1170] وبعد ما صار محقّاً في الدعوى وصار مدّعياً للقتل فتشمله أدلّة القسامة بإطلاقها كشمول أدلّة البيّنة وسائر أحكام الدعاوي له أيضاً .

ووجه ما ذكره من كون الظاهر لزوم استئناف الأيمان الاقتصار على القدر المتيقّن ، فإنّ القسامة على خلاف الأصل ، فلابدّ من الاقتصار فيها على المتيقّن

(مسألة 7) : لو حلف المدّعي مع اللوث واستوفى الدية ، ثمّ شهد اثنان أ نّه كان غائباً غيبة لايقدر معها على القتل ، أو محبوساً كذلك ، فهل تبطل القسامة بذلك واستُعيدت الدية ، أم لا مجال للبيّنة بعد فصل الخصومة باليمين ؟ فيه تردّد ، والأرجح الثاني (8) . نعم لو علم ذلك وجداناً بطلت القسامة واستُعيدت الدية .