خلافة الرسول بین الشوری و النص

سید علی میلانی

نسخه متنی -صفحه : 120/ 15
نمايش فراداده

المؤمنين اُمّ سَلَمة ، ذلك يوم الحديبية ، بعد إمضاء الصلح ، إذ أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه أن ينحروا ما معهم من الهدي الذي ساقوه ، فلم ينحر أحد ، فبان الغضب بوجه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعاد إلى خيمته ، فقالت له اُمّ سَلَمة، لو نحرتَ يا رسول الله ، لنحروا بعدك.. فنحر صلى الله عليه وآله وسلم هديه ، فنحروا بعده (1) .

هذه هي أشهر نماذج الشورى التي يعرضها التاريخ ، بغضّ النظر عن صحّة أسانيدها أو ضعفها ، منذ نزلت آية الشورى هذه حتّى قُبض النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم .. فليس هناك شيء أكثر ممّا كان قبل نزولها.. وليس هناك نظام محدّد ، ولا أشخاص معيّنون.. ليس هناك أثر لما دعاه البعض (هيئة العشرة)..

تلك هيئة ليس لها أثر أيّام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كلّها ، ولا استطاع مدّعيها (2)أن يأتي بشاهد تاريخي واحد على وجودها في أيام النبيّ ( ص ) ، ولا يستطيع أن يأتي بشاهد واحد يؤيّدها من حياة أبي بكر كلّها وحياة عمر كلّها ، حتّى اختياره الستة المعروفين لشورى الخلافة !

وأضعف من هذه الدعوى ما جاء في محاولة البرهنة عليها من أشياء متكلَّفة ، واُخرى لا واقع لها ، واُخرى تفيد نفيها بدلاً من إثباتها !

ومن أنكر وأغرب ما استدلّ به ، وهو يراه أقوى أدلّة الاِثبات ، ثلاثة أشياء ، هي :

(1) تاريخ الطبري 2 : 637 عن الزهري .

(2) محمد عمارة ، الخلافة ونشأة الاَحزاب الاِسلامية : 54 .