أمّا سبب هذه الخطبة التي أفرزت (الشورى) مبدءاً في اختيار الخليفة لاَوّل مرّة ، فيحدّثنا عنه القسطلاني وهو يفكَ ألغازها..
فبعد أن يأتي باسنادها الذي أورده البخاري عن ابن عباس ، وفيه أنّ عبدالرحمن بن عوف جاء إلى ابن عباس في موسم الحجّ وكان يتعلّم عنده القرآن ، فقال له : لو سمعت ما قاله أمير المؤمنين ـ يعني عمر بن الخطاب ـ إذ بلغه أنّ "فلاناً" قال : لو قد مات عمر لبايعت "فلاناً" فما كانت بيعة أبي بكر إلاّ فلتة ، فهمّ عمر أن يخطب الناس ردّاً على هذا القول ، فنهيته لاجتماع الناس كلّهم في الحج وقلت له إذا عدت المدينة فقل هناك ما تريد ، فإنّه أبعد عن اثارة الشغب.. فلمّا رجعوا من الحجّ إلى المدينة قام عمر في خطبته المذكورة..
فمن هو "فلان" القائل ؟ ومن هو "فلان" الآخر ؟
حين تردّد بعض الشارحين في الكشف عن هذين الاسمين ، استطاع ابن حجر العسقلاني أن يتوصل إلى ذلك بالاِسناد الصحيح المعتمد عنده، والذي ألغى به كل ماقيل من أقوال أثبت ضعفها ووهنها ، فقال : وجدته في الاَنساب للبلاذري بإسناد قويّ ، من رواية هشام بن يوسف ، عن معمر ، عن الزهري ، بالاسناد المذكور في الاصل ، ولفظه : (قال عمر : بلغني أنّ الزبير قال : لو قد مات عمر لبايعنا عليّاً..) الحديث (1)!!
فذلك إذن هو السرّ في ثورة عمر !
(1) مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري : 337 . وتبعه القسطلاني في ارشاد الساري لشرح صحيح البخاري
10 : 19 .