إنّ الاَساس الذي قامت عليه نظرية الشورى هو أنّ أمر الخلافة متروك إلى الاَُمّة.. ومن هنا ابتدأت الاَسئلة تنهال على هذه النظرية ؛ عند البحث عن الدليل الشرعي في تفويض هذا الامر إلى الاَُمّة.. وعند محاولة إثبات شرعية الاسلوب الذي سوف تسلكه الاَُمّة في الاختيار..
لقد رأوا في قوله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) (1)أفضل دليل شرعي يدعم هذه النظرية ، ومن هنا قالوا : إنّ أوّل وجوه انتخاب الخليفة هو الشورى .
لكن ستأتي الصدمة لاَوّل وهلة حين نرى أنّ مبدأ الشورى هذا لم يطرق أذهان الصحابة آنذاك .
فانتخاب أوّل الخلفاء كان بمعزل عن هذا المبدأ تماماً ، فإنّما كان "فلتةً" كما وصفه عمر ، وهو الذي ابتدأه وقاد الناس إليه !
ثمّ كان انتخاب ثاني الخلفاء بمعزلٍ أيضاً عن هذا المبدأ !
نعم ، ظهر هذا المبدأ لاَوّل مرّة على لسان عمر في خطبته الشهيرة التي ذكر فيها السقيفة وبيعة أبي بكر فحذّر من العودة إلى مثلها ، فقال : (فمن بايع رجلاً من غير مشورةٍ من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه ، تغرَّة
(1) الشورى 42 : 38 .