واستخلافهم هو أن يملّكهم البلاد ويجعلهم أهلها...
ألا ترى إلى إغزاء قريش المسلمين في أُحد وغيرها ، وخاصّةً الخندق، حتّى أخبر الله تعالى عن جميعهم فقال : ( إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم وإذ زاغت الاَبصار وبلغت القلوبُ الحناجر وتظنّون بالله الظنونا * هنالك أبتليَ المؤمنون وزُلزلوا زلزالاً شديداً ) (1). ثمّ إنّ الله ردّ الكافرين لم ينالوا خيراً ، وأمّن المؤمنين وأورثهم أرضهم وديارهم وأموالهم ، وهو المراد بقوله : ( لَيستخلِفنّهم في الاَرض ) . وقوله : ( كما استخلف الّذين من قبلهم ) يعني بني إسرائيل ، إذ أهلك الله الجبابرة بمصر ، وأورثهم أرضهم وديارهم .. وهكذا كان الصحابة مستضعَفين خائفين ، ثمّ إنّ الله تعالى أمّنهم ومكّنهم وملّكهم ، فصحّ أنّ الآية عامّة لاَُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم غير مخصوصة ، إذ التخصيص لايكون إلاّ بخبر ممّن يجب له التسليم ، ومن الاَصل المعلوم التمسّك بالعموم) (2).
والثاني : ماذكروه في سبب نزول الآية ، فإنّه منطبق تماماً على ماذُكر آنفاً ، لايُساعد على تخصيصها في الخلفاء الاَربعة أو بعضهم ، وإنْ كان فيه مايفيد تخصيصها بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه (3).
ففي رواية البراء ، قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد .
(1) سورة الاَحزاب 33 : 10 و 11 .
(2) تفسير القرطبي 12 : 196 ـ 197 ، تفسير الشوكاني (فتح القدير) 4 : 47 . وانظر أيضاً : الميزان في تفسير
القرآن 15 : 167 .
(3) كما تقدّم في آخر الكلام المنقول عن القرطبي ، وهو ماذهب إليه محمّد جواد مغنية في تفسيره الكاشف 5 :
436 .