و قد يقال : بحرمة اللغو على وجه الاطلاق لرواية الكابلي ( 1 ) فان الامام ( ع ) جعل فيها اللغو المضحك من جملة الذنوب التي تهتك العصم .
و فيه أولا : أنها ضعيفة السند ، و مجهولة الرواة .
و ثانيا : أن موضوع التحريم فيها هو اللغو الذي يكون موجبا لهتك عصم الناس و أعراضهم من الاستهزاء و السخرية و التعيير و الهجاء و نحوها من العناوين المحرمة .
على أنه لا دليل على حرمة إضحاك الناس و إدخال السرور في قلوبهم بالامور المباحة و الجهات السائغة ، بل هو من المستحبات الشرعية و الاخلاق المرضية فضلا كونه موجبا لهتك العصم ، و إثارة للعداوة و البغضاء .
و قد ذكر ابن ابي الحديد في مقدمة شرح النهج في علي بن أبي طالب " ع " : ( و أما سجاحة الاخلاق و بشر الوجه و طلاقة المحيا و التبسم فهو المضروب به المثل فيه حتى عابه بذلك أعداؤه ) .
و كان الاصل في هذا التعييب عمر بن الخطاب و عمرو بن العاص .
و قد ظهر مما ذكرناه أنه لا يمكن الاستدلال على حرمة اللغو مطلقا بوصية النبي صلى الله عليه و آله لابي ذر ( 2 ) .
ثم إن رواية الكابلي عدت شرب الخمر و اللعب بالقمار من جملة الذنوب التي تهتك العصم أما الاول فلانه يجر إلى التعرض لاعراض الناس ، بل نفوسهم ، فان شارب الخمر في حال سكره كالمجنون الذي لا يبالي في أفعاله و حركاته .
و أما اللعب بالقمار فلانه يورث العداوة بين الناس ، حيث تؤخذ به أموالهم بغير عوض و استحقاق .
و قد أشير إلى كلا الامرين في الآية ( 3 ) .
1 - في ج 2 ئل باب 41 تحريم التظاهر بالمنكرات من الامر بالمعروف ص 511 : عن زين العابدين " ع " الذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر و اللعب بالقمار و تعاطي ما يضحك الناس من اللغو و المزاح . مجهولة بأحمد بن الحسن القطان و أحمد بن يحيى . و ضعيفة ببكر ابن عبد الله بن حبيب . 2 - يا أبا ذر و أن الرجل يتكلم بالكلمة في المجلس ليضحكهم بها فيهوي في جهنم ما بين السماء و الارض . ضعيفة لما تقدم في ص 387 . راجع ج 14 الوافي ص 56 . 3 - إنما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة الخ . و قد تقدمت في ص 369 .