آیات الحج و مناسکه بین التفسیر الدلالی و التفسیر التطبیقی (فی نظر الإمام الخمینی)

عبدالسلام زین العابدین

نسخه متنی -صفحه : 15/ 4
نمايش فراداده

(المنافع) بنظر الإمام الخميني

ركّز الإمام على آية (شهود المنافع) كثيراً ، وذكرها في العديد من خطاباته السنوية التاريخية في موسم الحج ، وأعطى دلالاتها وتطبيقاتها معاً .

وقد أكّد على شمولية هذه المنافع; لتشمل كلّ نفع للمسلمين والاُمّة الإسلامية على جميع الأصعدة الروحية والسياسية والثورية والاجتماعية والاقتصادية ، وقد دعا ـ بقوّة ـ الحجيج جميعاً إلى تحقيق تلكم المنافع المتنوّعة في ذلك«المؤتمر الإسلامي الكبير ، في الأيام المباركة والأرض المباركة» ، قائلاً «على المسلمين الملبِّين لدعوة الله تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي ، إضافة إلى المحتوى العبادي ، وأن لا يكتفوا بالشكل والصورة فحسب»12 .

وقد أطلق الإمام في خطاباته زفرات الأسف واللوعة على ما آل إليه المسلمون في الغفلة عن تلكم (المنافع) العظيمة ، التي توخّاها القرآن من تشريعه لفريضة الحجّ . . إلى درجة بدا فيها (الحجّ الإبراهيمي ـ المحمّدي) غريباً ومهجوراً ، حيث يصرّح قائلاً «إنّ الحجّ (الإبراهيمي ـ المحمدي) غريبٌ ومهجور منذ سنين على الصعيد المعنوي والعرفاني ، كما هو غريب ومهجور على الصعيد السياسي والاجتماعي ، وعلى الحجّاج الأعزّاء من جميع أقطار العالم الإسلامي أن يزيلوا عن بيت الله غربته على الأبعاد والأصعدة كافّة» 13 .

ولهذا حذّر من أن يكون هذا الاجتماع المليوني للمسلمين الآتين من كلِّ فجٍّ عميق ، مصداقاً للرواية القائلة «ما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج»14!

وهناك مقولة رائعة للإمام تعبّر عن مدى المنافع والعطاءات لفريضة الحج ، وعلى جميع الأصعدة ، وهي: «الحجّ كالقرآن مائدة ينتفع منها الجميع»15 ، ولذا فإنّه يرى الاستفادة من جواهر بحره تختلف بحسب اختلاف مستويات الناس الفكرية والثقافية ، وحملهم لهموم الأمّة الإسلامية ، وشعورهم بآلامها وآمالها .

كما يرى أنّ الحجّ يشبه القرآن في غربته ومهجوريته ، حيث يقول:«الحجّ مهجور كالقرآن»16 .

من هنا ندرك أنّ الإمام يرى أنّ الحج كالقرآن في أعماقه ، وكالقرآن في غربته .

من هذا المنطلق يوجب مفسّرنا الإمام على جميع المسلمين«أن يسعوا من أجل إعادة الحياة إلى الحجّ والقرآن معاً» ، كما يدعو علماء الإسلام الملتزمين إلى «أن يضطلعوا بمسؤولية تقديم وإعطاء التفاسير السليمة والواقعية لفلسفة الحج ومناسكه ، بعيداً عمّا تنسجه خيالات وتصوّرات (علماء البلاط) من خرافات» .