وبكى حتّى انحط عن سية قوسه، قالوا: فما زال يبكي حتى دمعت عينه العوراء.
فما أنكر عليه في بكائه ولا في رثائه منكر، بل قال له عمر ـ كما في ترجمة وثيمة من الوفيات ـ لوددتُ أنّك رثيت زيداً أخي بمثل ما رثيت به مالكاً أخاك، فرثى متمم بعدها زيد بن الخطاب فما أجاد، فقال له عمر: لِمَ لمْ ترثي زيداً كما رثيت مالكاً؟ فقال: إنه والله ليحركني لمالك مالا يحركني لزيد.
واستحسن الصحابة ومن تأخر عنهم مراثيه في مالك، وكانوا يتمثلون بها، كما اتفق ذلك من عائشة إذ وقفت على قبر أخيها عبد الرحمن ـ كما في ترجمته من الاستيعاب ـ فبكت عليه وتمثلت:
وما زال الرثاء فاشياً بين المسلمين وغيرهم في كلّ عصر ومصر لا يتناكرونه مطلقاً.