ومشاقة له، بل مخالفة لقول الله تعالى: ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى )(1) ; وتقديماً على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) بزعم أنّه أعرف بمصالح الأمّة من الله ورسوله!! وقد قال الله تعالى: ( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً )(2) وقال: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(3) وقال: ( وَما كانَ لِمُؤْمِن وَلا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )(4).
الثاني: إنّ ما اعتذر به المخالفون عن عمر(5) لا يجدي شيئاً بعد ملاحظة الرواية بأنحائها المختلفة ; فقد روى الطبراني بإسناده عن عمر بن الخطّاب قال: لمّا مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " ادعوا لي بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبدا " فكرهنا ذلك أشدّ الكراهة، ثمّ قال: " ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعد أبداً ". فقال النسوة من وراء الستر: ألا تسمعون ما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! فقلت: إنّكنّ صويحبات يوسف (عليه السلام)، إذا مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عصرتنّ أعينكنّ وإذا أصبح(6) ركبتنّ عنقه. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " دعوهنّ فإنّهنّ خير منكم "(7).
وروى في موضع آخر: فقالت امرأة ممّن حضر: ويحكم! عهد
1. النجم (53): 3. 2. النساء (4): 115. 3. الأحزاب (33): 1. 4. الأحزاب (33): 36. 5. راجع شروح البخاري في أوائل كتاب المغازي نحو فتح الباري: 8/101 ـ 102. 6. كذا والظاهر صحّ كما في كنز العمّال. 7. المعجم الأوسط: 6/162 (ط الرياض) ; عنه جامع الأحاديث: 13/263 (ص 259) ونقلها في كنز العمّال: 5/644 مع حذف قول عمر: فكرهنا ذلك أشدّ الكراهة!