إقامة الدين.
قال الأستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود: ثم تطالعنا صحائف ما أورده المؤرخون بالكثير من أشباه هذه الأخبار المضطربة التي لانعدم أن نجد من بينها من عنف عمر ما يصل به إلى: الشروع في قتل علي، أو إحراق بيته على من فيه..(1).
وذكر ابن أبي الحديد: قال له قائل: يا أمير المؤمنين! أرأيت لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ترك ولداً ذكراً قد بلغ الحلم وآنس منه الرشد أكانت العرب تسلم إليه أمرها؟! قال: " لا، بل كانت تقتله إن لم يفعل ما فعلتُ. إن العرب كرهت أمر محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحسدته على ما آتاه الله من فضله، واستطالت أيامه حتى قُذفت زوجته، ونفرت به ناقته، مع عظيم إحسانه إليها وجسيم مننه عندها، وأجمعت ـ مذ كان حيّاً ـ على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته، ولولا أنّ قريشاً جعلت اسمه ذريعة إلى الرئاسة، وسلّما إلى العزّ والإمرة لما عَبَدَت الله بعد موته يوماً واحداً.. " إلى أن قال (عليه السلام):
"اللّهمّ إنّك تعلم انّي لم أُرد الإمرة، ولا علوّ الملك والرئاسة، وانما أردت القيام بحدودك، والأداء لشرعك، ووضع الاُمور في مواضعها، وتوفير الحقوق على أهلها، والمضي على منهاج نبيّك، وإرشاد الضالّ إلى أنوار هدايتك "(2).
هذا بعض ما يقال في علة سكوته (عليه السلام) ; وأمّا الوجه في بيعته لأبي بكر، فقد اوردنا نصوصاً كثيرةً جاء في بعضها:.. أنّهم أخرجوه كرهاً، وهدّدوه بالقتل.. فبايعهم وهو يشير إلى القبر ويقول: " إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ".
1. السقيفة والخلافة: 14.
2. شرح نهج البلاغة: 20 / 298. راجع أيضاً نهج البلاغة: 12، 106 ; بحار الأنوار: 29 / 553.