محاضرات فی الاعتقادات

السید علی الحسینی المیلانی

جلد 2 -صفحه : 228/ 187
نمايش فراداده

الأمر تاب نصيرالدين الطوسي وكان يصلّي وتعلّم الفقه وقرأ تفسير البغوي في آخر عمره.

وهذا يقول: تعلّم السحر في آخر الأمر، فكان ساحراً يعبد الأصنام!!

وإلى هنا تبيّن أنّ ما ينسب سابقاً ولاحقاً إلى الخواجة نصيرالدين الطوسي ليس له سبب، سوى أنّ هذا الرجل العظيم استفاد من تلك الظروف لِصالح هذا المذهب المظلوم، وتمكّن من تأليف كتابه تجريد الإعتقاد، وأصبح هذا الكتاب هو الكتاب الذي يدرّس في الأوساط العلميّة، وطرحت أفكار الإماميّة في الأوساط العلميّة، بعد أن لم تكن لأفكار هذه الطائفة أيّة فرصة، ولم يكن لآراء هذه الطائفة أيّ مجال لأن يذكر شيء منها في المدارس العلميّة والأوساط العلميّة، حينئذ أصبح الآخرون عيالاً على الخواجة نصيرالدين الطوسي في علم الكلام والعقائد، وبتبع كتاب التجريد أُلّفت كتبهم في العقائد، وهذا ممّا يغتاظ منه القوم، فهذا كان هو السبب العمدة لأنْ ينسب ما سمعتم إلى هذا الرجل العظيم.

وقد ثبت أنّ كلّ ما ينسب إليه باطل، ولا أساس له من الصحّة، إستناداً إلى كلمات المؤرّخين من أهل السنّة أنفسهم، من ابن الفوطي الذي عاصر القضيّة وكان من الأسرى في الواقعة، ثمّ ابن الطقطقي، ثمّ ابن كثير، ثمّ الذهبي، والصفدي، وابن شاكر الكتبي، وغيرهم، وهؤلاء كلّهم من أهل السنّة، وهكذا أبوالفداء، ولم ننقل شيئاً لتبرئة ساحة هذا الشيخ العظيم عن أحد من علماء الشيعة.

الثناء على الشيخ نصير الدين الطوسي

والآن، لا بأس أن أذكر لكم بعض النصوص في الثناء الجميل على هذا الشيخ العظيم من كتب القوم.

لاحظوا عبارة ابن كثير يقول: النصير الطوسي محمّد بن عبدالله [ لكن والده محمّد فهو محمّد بن محمّد ] كان يقال له المولى نصير الدين، ويقال الخواجة نصير الدين، اشتغل في شبيبته، وحصّل علم الأوائل جيّداً، وصنّف في ذلك في علم الكلام، وشرح الإشارات لابن سينا، ووزر لأصحاب قلاع الألموت من الإسماعيليّة، ثمّ وزر لهولاكو، وكان معهم في واقعة بغداد، ومن الناس من يزعم أنّه أشار على هولاكو بقتل الخليفة، فالله أعلم، وعندي أنّ هذا لا يصدر من عاقل ولا فاضل... إلى آخر ما قرأناه سابقاً.

قال: وهو الذي كان قد بنى الرصد في مراغة، ورتّب فيه الحكماء من الفلاسفة والمتكلّمين والفقهاء والمحدّثين والأطبّاء، وغيرهم من الفضلاء، وبنى له فيه قبّة عظيمة، وجعل فيه كتباً كثيرةً جدّاً، توفي في بغداد في الثاني عشر من ذي الحجة من هذه السنة، وله خمس وسبعون سنة، وله شعر جيّد قويّ، وأصل اشتغاله على المعين سالم بن بدران بن علي المصري المعتزلي المتشيّع، فنزع فيه حروب كثيرة منه حتّى أفسد اعتقاده.

هذا كلّه ذكره في ترجمة نصيرالدين الطوسي، وفيه الثناء الجميل على علمه، إلاّ أنّه يعرّض به لأجل مذهبه(1).

1- البداية والنهاية 13 / 276.