لا يخفى أنّه قد دلّس في مذهب قومه، وموَّه ما شاء ولبَّس في مذهب الإمامية، وافترى من غير حياء ـ كما ستعرفه إن شاء الله تعالى ـ، فخالف ما اشترطه من الصدق والإنصاف، اتّباعاً للهوى، وتعصّباً لدين الأسـلاف.
ونحن بعون الله تعالى نكشف عن وجه الحقيقة غشاءها، ونعيد إلى مرآة الحقّ صفاءها.
أمّا ما ذكره أوّلا في تقرير مذهب الأشاعرة بقوله: " خالق كلّ الأشـياء "..
فهو أوّل تمويه ; لأنّ مورد النزاع هو أفعال العباد، وأنّها مفعولة لله سبحانه أو للعبد، فكان اللازم النصّ عليها ليتّضح حال المذهبين، ولم يكفِ ذِكر ما ينصرف لغيرها، فينبغي أن يقال للمشرك المتحيّر: إنّه تعالى خالق كلّ الأشياء، حتّى الزنا، واللواط، والكذب، والظلم، والنهب، والسرقة، والقتل، ونحوها.
ولا ريب أنّه حينئذ يستنكره ويستكرهه ويعدّه من منافيات وجدانه لأنّه يجد أنّه فاعل فعله.
ولو ذُكر له الشرك الذي هو عليه وقيل: إنّه مخلوق لله تعالى، لقال هذا دليـل رضـاه بـه ; لأنّ الفعـل بالاخـتيار لا يصدر بـدون رضا الفاعـل فلا داعي للعدول عنه.
ولو اجتهدوا في ترغيبه وإقناعه لقال: ما لكم خرجتم عن مذهبكم؟!