في هذا الفصل استدلّ بأشياء عجيبة ينبغي أن يتّخذه الظرفاء ضحكة لهـم.
منها: إنّه استدلّ بلزوم انسداد باب إثبات الصانع وكونه صادقاً والاستدلال بصحّة النبوّة على كون العبد موجد أفعاله.
وذكر في وجه الملازمة شيئاً غريباً عجيباً، وهو أنّا نستدلّ على حدوث العالَم بكونه محتاجاً إلى المحدِث قياساً على أفعالنا المحتاجة إلينا، فمن منع حكم الأصل في القياس وهو كون العبد موجداً، لا يمكنه استعمال هذه الطريقة، وإثبات هذه الملازمة من المضاحك..
أمّا أوّلا: فلأنّه حصر حادثات العالم في أفعال الإنسان، ولو لم يُخلق الإنسانُ وأفعالُه أصلا كان يمكن الاستدلال بحركات الحيوان وسائر الأشياء الحادثة بوجوب وجود المحدِث، وكأنّ هذا الرجل لم يمارس قطّ شيئاً من المعقولات!
والحقّ أنّه ليس أهلا لأن يباحث لدناءة رتبته في العلم، ولكن ابتليت بهذا مرّةً فصبرت.
وأمّا ثانياً: فلأنّه استدلّ بلزوم عدم كونه صادقاً على كون العبد موجد فعله، ولم يذكر هذه الملازمة; لأنّ النسبة بينه وبين هذه الملازمة بعيدة جدّاً.
(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع مع إحقاق الحقّ ـ 2 / 67.