موسوعة من حیاة المستبصرین

جلد 3 -صفحه : 575/ 189
نمايش فراداده

المالكية كلهم يحرّمون الرضاعة ولو من قطرة واحدة اقتداء بالإمام مالك الذي قاس الحليب على الخمر إذ أنّ (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، فتحرم الرضاعة ولو من قطرة واحدة من الحليب، والذي وقع أن أحد الحاضرين اختلى بهم ودلّهم على بيتي قائلا لهم: اسألوا التيجاني في مثل هذه القضايا فإنه يعرف كل المذاهب وقد رأيته يجادل هؤلاء العلماء عدّة مرّات فيبزّهم بالحجّة البالغة.

هذا ما نقله إليّ زوج المرأة حرفيّاً عندما أدخلته إلى المكتبة وحكى لي كل القضيّة بالتفصيل من أوّلها إلى آخرها، وقال: "يا سيدي أنّ زوجتي تريد الإنتحار وأولادي مهملين ونحن لا نعرف حلاّ لهذه المشكلة وقد دلّونا عليك وقد استبشرت خيراً لمّا رأيت عندك هذه الكتب التي لم أشهد في حياتي مثلها فعسى أن يكون الحلّ عندك".

أحضرت له قهوة وفكّرت قليلا ثم سألته عن عدد الرضعات التي رضعها هو من المرأة فقال: لا أدري غير أنّ زوجتي رضعت منها مرّتين أو ثلاث وقد شهد أبوها بأنّه حملها مرّتين أو ثلاث مرات لتلك العجوز المرضعة، فقلت إذا كان هذا صحيحاً فليس عليكما شيء والزواج صحيح وحلال محلّل، وارتمى المسكين عليّ يقبّل رأسي ويديّ ويقول: بشّرك الله بالخير لقد فتحت أبواب السكينة أمامي، ونهض مسرعاً ولم يكمل قهوته ولا استفسر منّي ولا طلب الدّليل غير أنّه استأذن للخروج حتى يسرع فيبشر زوجته وأولاده وأهله وعشيرته.

لكنه رجع في اليوم التالي ومعه سبعة رجال وقدّمهم إليّ قائلا: هذا والدي وهذا والد زوجتي والثالث هو عمدة القرية والرابع إمام الجمعة والجماعة والخامس هو المرشد الدّيني والسادس شيخ العشيرة والسابع هو مدير المدرسة، وقد جاؤوا يستفسرون عن قضية الرضاعة وبماذا حلّلتها؟

وأدخلت الجميع إلى المكتبة وكنت أتوقّع جدالهم وأحضرت لهم القهوة