موسوعة من حیاة المستبصرین

جلد 3 -صفحه : 575/ 405
نمايش فراداده

ولما وَصَلَتِ النوبة إلى عصر التدوين رأينا أئمة الحديث أمثال البخاري ومسلم والترمذي يطرحون أو يقطعون أكثر ما انفلت من أيدي هؤلاء من الأحاديث بسبب مخالفتها لشروطهم; لأنهم اشترطوا لصحة الحديث ـ إضافة إلى الاتصال والوثاقة في الإسناد ـ أن لا يكون مضمون الحديث مخالفاً لمذهب أهل السنة والجماعة، وأن لا تكون فيه علة خفية، وكانت طريقة معرفة تلك العلة تشخيص هؤلاء المحدثين; فإذا كان الحديث مخالفاً لمذهبهم يحكمون بشذوذه وضعفه ولو كان جميع رجال السند من الثقات.

وقد اعترف البخاري فيما حكي عنه قائلاً: لم أخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً، وما تركت من الصحيح كان أكثر(1).

فبدل أن يجعلوا السنة معيارا لصحة الرأي والمذهب تراهم يجعلون المذهب ميزاناً لصحة الحديث، حتى وصل الأمر إلى توصيف من لم يذكر في تأليفه ما يخالف المذهب بالأضبطية والأدقية، واتهام من أورد شيئاً مخالفاً لمذهبهم في كتبه بكونه من أهل الخلاف وتوصيفه بالسذاجة والجهالة.

كنت أتساءل في نفسي: إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن لمن يريد الوقوف على الحقيقة أن يصل إلى هدفه؟ وكيف يمكنه أن يميز الحق من الباطل إذا كان ميزان التمييز وطريقة التحقيق هو نفس المذهب؟!".

4 ـ ما جرى بعيد وفاة النبيّ(صلى الله عليه وآله)

يقول الشيخ محمد گوزل: "ومن أهم ما وقع في قلبي من الشبهات والأسئلة: لماذا ترك الخلفاء والصحابة جنازة الرسول(صلى الله عليه وآله) بدون تشييع وتغسيل وتكفين وذهبوا إلى السقيفة فتنازعوا لأجل الإمارة والرئاسة؟ ولم يبق على جنازة الرسول(صلى الله عليه وآله)إلاّ عدّة نفر، على رأسهم أمير المؤمنين عليّ(عليه السلام)!!

1- صحيح البخاري (المقدمة): 8 ـ 9.