لزوم ما لا يلزم ، لان سياسة الدنيا غير شؤون العبادة ، فلا تكون الاشارة واضحة ، وفوق ذلك فانه لم يحدث في اجتماع السقيفة الذي تنافس فيه المهاجرون والانصار في شأن القبيل الذي يكون منه الخليفة أن احتج أحد المحتجين بهذه الحجة ، ويظهر أنهم لم يعتقدوا تلازماً بين إمامة الصلاة وإمرة المسلمين(1) .
كما أن فقه أهل السنة لا يقيم اعتباراً للتفاضل في إمامة الصلاة ، إذ تصح عندهم إمامة الفاسق والفاجر لاهل التقوى والصلاح ، ويستدلون في ذلك بحديث ينسبونه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) : « صلّوا خلف كل بر وفاجر » ، ويستدلّون على صحة ذلك بصلاة بعض فضلاء الصحابة خلف الوليد بن عقبة وهو سكران ، والذي سماه القرآن فاسقاً باجماع المفسرين .
ولو كانت إمامة الصلاة تعني إمامة الاُمة ، لكان سالم مولى أبي حذيفة وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف أكثر استحقاقاً لها ، لانهم أمّوا المسلمين وفيهم أبو بكر ، فقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمر قال : كان سالم مولى أبي حذيفة يؤُم المهاجرين الاولين وأصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) في مسجد قباء فيهم أبو بكر وعمر وأبو
(1) تاريخ المذاهب الاسلامية : 23 .