رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی

محمدجواد بلاغی

نسخه متنی -صفحه : 482/ 340
نمايش فراداده
أحس لوسيبوس وديمقراط وأبيقورس بأن تركب الموجودات العالمية من حيث المقدار والماهية ينادي بحدوثها وحاجتها إلى الايجاد من الإله الذي تبطل مرامي أهوائهم بالاعتراف به. فالتجأ هؤلاء إلى افتراض الجواهر الفردة وافتراض حركات طبيعية لها مختلفة. ولكن لأمر من الأمور وقفت شجاعتهم الأدبية عن الطفرة إلى افتراض موجود مادي بلا صورة ولا إلى افتراض صورة بلا شكل هندسي فقالوا بأن للجواهر الفردة أشكالا هندسية.

وسدوا آذانهم عن نداء الحقائق المعقولة بأن الحركة واختلافها والصورة والشكل الهندسي من الدلائل على بطلان افتراضهم للجواهر الفردة والجزء الذي لا يتجزأ.

وجاء خلف ذلك السلف فقالوا: إن جواهرنا الفردة التي نفترضها هي أصغر من جواهر ديمقراط ولم يحتفلوا بنداء الحقيقة بأن الموجود المادي مهما فرض له من الصغر لا ينفك عن الصورة والصورة لا تنفك عن الشكل الهندسي والشكل الهندسي لا ينفك عن قبول التجزي.

حتى إذا جاءت الاكتشافات الجديدة وأوضحت أن افتراض الجواهر الفردة أعني الأجزاء التي لا تتجزأ من المادة إنما هو افتراض باطل موهوم. ومن تلك الاكتشافات اكتشاف الفيلسوف الأمريكي الدكتور (روبر ميليقان) فإن أصغر ما افترضوه من الجسم وسموه جوهرا فردا و (أتوم) فقد اكتشف هذا الدكتور أن أتوم الهيدروجين مركب من نواة فيها الكتريك مثبت والكترون يدور حول النواة فيه الكترون منفي. ولا تقل إن هذه النواة وهذا الكترون هي الأجزاء التي لا تتجزأ لا تقل ذلك فإنه وجدان ما هو يقدر أتوم الهيدروجين ينقسم إلى أكثر من ذلك من الكترونات كالثلاثة والاربعة والخمسة إلى العشرين فما فوق.

فها الاختبار زيادة على دلالته على انقسام ما يفرضونه الجوهر الفرد والاتوم يدل على انقسام مقدار الالكترون منه إلى أقسام لم يوقف على حدها ومع ذلك فكل ما يصلون إليه من الأقسام مرهون لبرهان العلم على انقسامه بأنه لا بد على الأقل من أن يكون له طرفان ينقسم إليهما كما هو لازم في كل موجود مادي. كما قد أوضحت الاكتشافات أن المادة تحدث وتنعدم. فتركت افتراضات الجواهر ونتائجهم منها ممحضة للامتناع كم استغفلت أهواء الالحاد من تشبث لمزاعمه بالتقحم الفارغ من ادعائهم أن في الانسان جملة من الغدد العديمة القنوات والغدد الوحيدة هي عديمة الفائدة في الحياة بل هي مضرة بها ومنها الغدة الدرقية الواقعة في العنق تحت الحنجرة.