رحلة المدرسیّة والمدرسة السیّارة فی نهج الهدی

محمدجواد بلاغی

نسخه متنی -صفحه : 482/ 393
نمايش فراداده

صفات الرسول في القرآن الكريم

صفات الرسول في القرآن الكريم

قد ذكرنا في صحيفة 53 و 54 قوله تعالى: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما) (1) فهذه الآية الكريمة في مضمونها المتقدم وقطعها للحجة تستلفتك إلى أحكام العقل والبداهة في صفات الرسول التي يجمعها لا يكون للناس بحسب معقولاتهم وتنفراتهم حجة تصدهم عن الركون إلى الرسول والاذعان بتصديقه والانقياد إلى تعاليمه والتسليم لتأديبه.

وذلك بأن لا يكون من جهة الرسول نقص ينفر الناس عنه ويكون سببا للريب العادي في صدقة وللاستنكاف عن اتباعه.. كيف تكون الرسالة مع النقص الذي يستتبع بحسب كمالات البشر بطلان فائدتها وانحطاط دعوتها وتكون للناس الحجة العقلائية على الله في عدم إيمانهم بالرسول وانقيادهم إليه.

وقد أيد الله هذا المعنى بقوله في الآية الرابعة والعشرين بعد المائة من سورة الأنعام (وإذا جاءتهم) يعني المشركين (آية قالوا لن نؤمن) بالحقائق التي يعلم بها الرسول (حتى نؤتى) من الوحي والرسالة (مثل ما أوتي رسل الله) فوبخهم الله على تشامخهم مع نقصهم وقال لهم (الله أعلم حيث يجعل رسالته) ويختار لها بعلمه وحكمته من هو الصالح الكامل من البشر والذي ليس لقائل في صلاحه وكماله مغمز وليس من جانبه نقص ينفر البشر منه.

كيف يضيع الله رسالته مع قدسه وكماله وحكمته وعلمه يجعلها فيمن ليس أهلا لها ولا يليق لفائدتها المطلوبة. فالآية وإن كانت بادئ بدء إخبارا إلا أنها بسوقها واستنادها إلى علم الله القدوس تشير إلى وجه الحجة والشروط المطلوبة في الرسول لا

1 ـ سورة النساء / الآية: 164. (*)