نتف : النّون والتاء والفاء أصلٌ يدلُّ على مَرْطِ شَيء . ونَتَفَ الشَّعَْر وغيرَه يَنْتِفُه . والمِنْتاف : المِنْقاش . والنُّتافَة : ما سَقَط من الشَّيء إذا نُتِف . والنُّتْفَة : ما نَتفْتَه بأصابِعك من نبت أو غيرِه . ورجلٌ نُتَفَةٌ : ينتِف من العلم شيئاً ولا يستقصيه .
نتق : النّون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيء وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله . تقول العرب : نَتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر : جَذَبْتُه . والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه ، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسْترخِي . وامرأهٌ ناتقٌ : كثُرَ أولادُها . وهذا قياس الباب ، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقاً . قال :
وفي الحديث : « علَيكم بالأبكار فإِنَّهنَّ أنْتَقُ أرحاماً » . وزَنْدٌ ناتقٌ : وار؛ وهو القياس .
نتك : النّون والتاء والكاف . النَّتْك ، هي من يمانيّات أبي بكر . قال : وهي شَبِيهٌ بالنَّتْف .
نتل : النّون والتاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تقدُّم وسَبْق . يقال : استَنْتَل الرّجلُ : تقدَّمَ أصحابَه . وسمِّي الرَّجلُ به ناتلاً . ونَتَلته : جذبْتُه إلى قُدُم . وتَناتَلَ النّبتُ : لم يستقِمْ نباتُه وكان بعضُه أطوَلَ مِنْ بعض ، كأنَّ الأطولَ تقدَّمَ ما هو أقصَرُ منه فسَبَق . وقولهم : النَّتَلُ العَبْد الضَّخم ، تفسيره أنَّه يقوى من التقدُّم على ما يعجِزُ عنه غيرُه . ألا ترى إلى قول الرّاجز :
يَطُفْنَ حولَ نَتَل وَزْوازِ
فوصَفَه بوَزْواز ، وهو الخفيف .
نثّ : النّون والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نَشْر شيء وانتشاره . ونثُّ الحديثِ : إفشاؤُه . وجاء فلانٌ يَنِثُّ سِمَناً ، كأنّه يتصبَّب سِمَناً . وفي الحديث : « يجيءُ أحدهم ينِثُّ كما ينِثّ الحَمِيتُ » .
نثر : النّون والثاء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إلْقاء شيء متفرِّق . ونَثَر الدّراهِمَ وغيرَها . ونَثَرت الشّاةُ : طرحت من أنْفِها الأذَى . وسمِّي الأنْف النَّثْرَة من هذا ، لأنَّه يَنْثُر ما فيه من الأذى . وجاء في الحديث : « إذا توضَّأْت فانْتَثِرْ » أو « فانْثِرْ » ، معناه اجعَل الماءَ في نَثْرتك . و النَّثْرة : نجمٌ يقال إنَّه أنف الأسَد يَنْزِلُه القَمر . وطَعَنه فأنْثَرَه : ألقاه على خَيْشُومِه . وهذا هو القياس . قال :
ويقال : أنثَره : أرْعَفَه الدَّم . والنَّثْرة : الدِّرع ، وهذا ممكنٌ أن يكون شاذّاً من الأصل الذي ذكرنا .
نثل : النّون والثاء واللام أصلٌ يدلُّ على استخراج شيء من شيء أو خروجه منه . منه نثَلْتُ كِنانَتي : أخرَجْتُ ما فيها من نَبْل نَثْلاً . ونثَلتُ البِئر : استخرجت تُرابَها . والنَّثِيل : الرَّوْث . والنَّثيلة : تُراب البِئر ، والقياس واحد .
نثا : النّون والثاء والحرف المعتلّ كلمةٌ . يقال : نَثا الكلام يَنثُو : أظهَرَه . والنَّثا . يقولون : أنْ يُذكَر الإنسانُ بغير جميل .
نجب : النّون والجيم والباء أَصلانِ : أحدهما يدلُّ على خُلوص شيء وكَرم ، والآخر على ضَعف .
الأوَّل النَّجابة : مصدر الرّجُل النجيب؛ أَي الكريم . وانْتَجَب فلاناً : استخلَصَه واصطفاه . ورجل مُنْجِبٌ : له ولد نجيبٌ . وامرأةٌ مُنْجِبةٌ ومِنجابٌ ورجلٌ نَجْبٌ : سخِيٌّ كريم .
والآخر المِنْجاب : الرّجُل الضّعيف ، والجمع مَناجيب . قال :
إذْ آثَرَ النّومَ والدِّفءَ المَناجِيبُ
ومن الباب المِنْجاب : النَّصْل يُبْرَى ولم يُرَش . والنَّجَبُ : ما فوق اللِّحاء من قِشرة الشّجرة ، والنَّجْبُ أخْذُه .
نجث : النّون والجيم والثاء أُصَيْلٌ يدلُّ على إبراز شيء وسَوءَة . منه النَّجيثة : ما أُخرجَ من تُراب البئر . ويقال : بَدا نَجِيثُ القَوم؛ أَي ما كانوا يخفونه من سَوءة . والنَّجيث : الهَدَف . قال الخليل : سمِّي نجيثاً لانتصابه . وهو يَنْجُثُ بني فلان ، إذا استعْواهم مستغيثاً بهم ، ومعناه أنّه يسألهم البُروزَ لنُصْرته . والاستنجاث : التَّصدِّي للشّيء ، والقياس في كلِّه واحد ، والله أعلم .
نجّ : النّون والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تحرُّك واضطراب ، وشِبه ذلك ، فالنَّجْنَجَة : الجَوْلة عند الفَزَع . يقال : نَجْنَجُوا . والنَّجنجة : ترديد الرأي تَنَجْنَجوا : أصافُوا في الموضع الذي أربَعوا فيه ثمّ عزَموا على تحضُّر المِياه . وتَنَجنَج لحْمُه : استرخَى . ونَجَّت القُرحَة : سالت .
نجح : النّون والجيم والحاء أصلٌ يدلُّ على ظَفَر وصِدْق وخير . منه النَّجاح في الحوائج : الظَّفَر بها . وسَيْرٌ نَجِيحٌ : وشيك . ورأيٌ نجيح : صواب . وتناجَحَتْ أحلامهم : تتابَعتْ بصدق . وأنجَحَ الله طَلِبَتَك : أسعَفَك بإدراكها .
نجخ : النّون والجيم والخاء كلمةٌ تدلّ على حكايةِ صوت . يقال : سمعت بَجِيخَ الماء وناجِخَتَه : صَوْتَه . والنُّجاج : صوت السّاعل . ومنْجِخ : موضع .
نجد : النّون والجيم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اعتلاء وقوّة وإشراف . منه النَّجْد : الرَّجُل الشُّجاع . ونَجُدَ الرَّجُل يَنْجُد نَجْدَةً ، إذا صار شُجاعاً . وهو نَجْد ونَجُدٌ ونَجِيد . والشَّجاعة نَجدةٌ . والمُناجِد : المُقاتِل . ولاَقى فلانٌ نَجدةً؛ أَي شدّة ، أمراً عاكه . قال طَرَفة :
أي ينظر النّاظرُ إليها فتلحقُها لذلك شِدّة ، كأنَّه أراد نَعْمةَ جِسمها ورِقّته .
ومن الباب النَّجَد : العرق . ونَجِد نَجَداً : عَرِقَ من عمل أو كرب . قال :
وربَّما قالوا في هذا : نُجِدَ فهو منجودٌ . قال :
ويقال : استنجَدْتُه فأنْجَدَني؛ أَي استغثْتُه فأغاثني . وفي ذلك الباب استعلاءٌ على الخَصم .
ومن الباب النَّجود : المشْرِفة من حمر الوَحش . واستنجد فلانٌ : قوِيَ بعدَ ضَعْف . ونَجَدْتُ الرّجُل أنْجُدُه : غلبته . حكاه ابنُ السِّكِّيت . والنَّجْد : ما عَلاَ من الأرض . وأنْجَدَ : علا من غَور إلى نجد .
ومن الباب : هو نجدٌ في الحاجة؛ أَي خفيفٌ فيها . والنِّجاد : حمائل السَّيف ، لأنَّه يعلو العاتِق . والنَّجْد : ما نُجِّد به البيتُ من متاع . والتَّنجيد : التزيين . والنَّجْد : الطَّريق العالي . والمَنجَّد : الذي نَجَّده الدّهر إذا عَرَفَ وجَرَّب ، كأنّه شجَّعه وقوّاه . وقياس كلّ واحد .
نجذ : النّون والجيم والذال كلمةٌ واحدة . النّاجِذ ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس . ثمّ يستعار فيقال للرّجُل : المنجَّذ ، وهو المجرَّب . وبدت نواجِذُه في ضحكه . ويقولون : إنّ الأضراس كلَّها نواجد . وهذا عندنا هو الصَّحيح ، لقول الشَّماخ :
نواجِذُهنَّ كالحِدَأ الوَقيعِ
ولأنَّهم يقولون : ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه ، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا ، لأنَّ ذاك باد من أدنى ضَحِك .
نجر : النّون والجيم والراء أصلان : أحدهما تسويةُ الشَّيء وإصلاحُ قَدرِه ، والآخر جِنسٌ من الأدواء .
الأوّل نَجْر الخشبِ ، ونَجَره نَجْراً ، وفاعله النَّجّار ، وهو منه ، كأنّه شيء سُوِّي . نَجَره نجراً . وكذا النَّجْر : الطَّبْع . ويقولون ـ وما أدري كيف صِحّته ـ : إنّ نَجْران البابِ : الخشَبة الذي يدور فيها .
والأصل الآخر النَّجَر ، قالوا : نَجِرَت الإبلُ : عَطِشَت ، ويقال : مَجرت ، هو أن تَشرَب فلا تَرْوَى ، وذلك يكون من أكل الحِبَّة . وحكى الخليلُ النّجْران : العَطشان . قالوا : وشهرُ ناجر من هذا ، لأنَّ الإبل تَنْجَر فيه . قال ابنُ السِّكِّيت : النَّجَر : أن يشرَبَ الإنسانُ اللّبَنَ الحامِضَ فلا يَرْوَى من الماء .
نجز : النّون والجيم والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على كمالِ شيء في عَجلة من غير بُطْء . يقال : نَجَزَ الوعدُ يَنْجُز . وأنجزْتُه أنا : أعجلتُه . وأعطيته ما عِندي حتَّى نَجَزَ آخِرُه؛ أَي وصل إليه آخرُه . وبِعْهُ ناجزاً بناجز ، كقولهم يداً بيد : تعجيلاً بتعجيل . والمناجَزَة في الحرب : أن يتبارَزَ الفارسان؛ أَي يُعجِّلانِ القتالَ لا يتوقفان .
نجس : النّون والجيم والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خلاف الطّهارة . وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ : قذِر . والنَّجَس : القذَر . وليس ببعيد أن يكون منه قولهم : النّاجس : الداء لا دَواءَ له . قال ساعدةُ الهذليّ :
كأنّه إذا طال بالإنسان نَجِسَه أو نَجَّسَه ؛ أَي قَذِره أو قذَّره . أمّا التَّنجيس فشيءٌ كانت العرب تفعله ، كانوا يعلِّقون على الصّبِيِّ شيئاً يعوِّذونه من الجنّ ، ولعلَّ ذلك عَظْمٌ أو ما أشبَهَه ، فلذلك سُمِّي تنجيساً . قال :
وعلقَ أنجاساً عليَّ المنجِّسُ
نجش : النّون والجيم والشين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إثارة شيء . منه النَّجْش : أن تُزايِد في المبيع بثمن كثير لينظر إليك النّاظرُ فيقعَ فيه ، وهو الذي جاء في الحديث : « لا تَناجَشُوا » ، كأنَّ النّاجشَ استَثارَ تلك الزيادة . والنّاجش : الذي يُثِير الصَّيد . ونجَشْتُ الصَّيد : استثرته . وكذا نَجَشَ الإبلَ ينجُشها ، جمعها بعد تَفرُّق . قال :
غَيرَ السُّرى والسّائِق النَّجّاشِ
ومن الباب النِّجاشة : سُرعة المشي . ومرَّ يَنْجُشُ نجيشاً . وكأنّه يراد به يُثِير التُّراب في مَشيِه . ويقال : إنّ اسمَ النَّجاشِيِّ مشتقٌّ منه .
نجع : النّون والجيم والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على منفعةِ طعام أو دواء في الجِسم ، ثمّ يُتوسَّع فيه فيقاس عليه . ونَجَع الطّعامُ : هَنَأَ آكِلَه . وماءٌ نَجوعٌ كنَمِير ، وهو النّامي في الجِسم . قال ابن السِّكِّيت : نَجَع فيه الدّواء ، ونَجَع في الدابة العَلف ، ولا يقال أنْجَعَ .
وممّا قِيسَ على هذا النُّجْعة : طلبُ الكلأ ، لأنَّه مَطلبُ ما يَنْجَع . وانتَجَعَه : طلب خَيره . ومنه النَّجِيع : الخَبَطُ يُضرَب بالدَّقيق والماءِ يُوجَر الجملَ ونَجَعَ في فلان قولُك : أخَذَ فيه .
وممّا شذَّ عن الباب : النَّجيع : دمُ الجَوفِ يَضرِب إلى السَّواد .
نجف : النّون والجيم والفاء أصلانِ صحيحان : أحدُهما يدلُّ على تبسُّط في شَيء مكان أو غيره ، والآخَر يدلُّ على استخراج شيء .
فالأوَّل النَّجَف : مكانٌ مستطيل منقادٌ ولا يعلوه الماءُ ، والجمع نِجاف . ويقال هي بطونٌ من الأرض في أسافِلِها سُهولةٌ تنقاد في الأرض ، لها أوديةٌ تنصبُّ إلى لين من الأرض . ويقال لإبِطِ الكثيب : نَجَفَةُ الكَثِيب .
ومن الباب النَّجِيف من السِّهام : العَرِيض . ونَجَفْتُ السَّهمَ : بَرَيْتُه كذلك وأصلحتُه ، وسهمٌ منجوفٌ ونَجيف . وغارٌ منجوفٌ : واسع .
والثاني : تيسٌ منجوف ، وهو أن يُعَصَّبَ قضيبُه ولا يقدِرَ على السِّفاد ، وكأنَّه قد قُطِع عنه ماءٌ واسْتُخْرِج . والانتجاف : استخراجُ ما في الضَّرعِ من اللبن . والمَنجوف : المنْقَطع عن النِّكاح . وانتَجَفَت الرِّيحُ السَّحابَ : مَرتْه واستَفرغَتْه .
نجل : النّون والجيم واللام أصلان صحيحان : أحدهما يدلُّ على رَمْيِ الشَّيء ، والآخَر على سعة في الشَّيء .
فالأوّل النَّجْل : رمْيُك الشَّيء . يقال : نَجَل نَجْلاً . والنّاقة تَنْجُل الحصى بِمناسِمها نَجْلاً؛ أَي تَرْمِي به . ومنه نَجَلْتُ الرّجُلَ نَجْلَةً ، إذا ضربته بمقدَّمِ رِجلكَ فتَدحْرَجَ . وقولهم : « مَنْ نَجَلَ النّاسَ نَجَلُوه »؛ أَي مَن شارَّهم شارُّوه ، ومن رَماهم رمَوْه . ومن الباب النَّجْل ، وهو النَّسل ، لأنَّ الوالدةَ كأَنَّها تَرْمِي به . وفحلٌ ناجِلٌ : كريم النَّجْل . ويقولون : قَبَح اللهُ ناجِلَيه؛ أَي والديه . ومنه النَّجْل : النّزُّ ، كأنّه ندىً تَقْلِسُهُ الأرض وترمِي به .
والأصل الآخر النَّجَل : سَعَةُ العين في حُسْن؛ والنَّجْل : جمع أنْجَل . والأسَدَ أنْجَلُ . وطعنةٌ نَجْلاَء : واسعة . ورُمْحٌ مِنْجَلٌ : واسع الطَّعْن . ونَجَلْتُ الإهاب : شقَقْتُه عن عُرقوبَيهِ جميعاً ، كما تُسلَخ الجُلود . وإهابٌ مَنْجُولٌ . ويقال : الإنجيلُ عربيٌّ مشتقٌّ من نَجَلت الشَّيءَ : استخرجْتُه ، كأنّه أمرٌ أُبرِزَ وأُظهِرَ بما فيه .
وممّا شذَّ عن هذين البابين : النّجِيل : ضربٌ من وَرَق الشَّجَر من الْحَمْض . وانْجَلَت الأرضُ : اخضرَّتْ .
نجم : النّون والجيم والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طُلُوع وظهور . ونَجَمَ النَّجمُ : طَلَعَ . ونَجَمَ السِّنُّ والقَرْنُ : طَلَعا . والنّجم : الثُّرَيّا ، اسمٌ لها . وإذا قالوا : طَلَعَ النَّجْم ، فإنَّهم يريدونها . وليس لهذا الحديثِ نَجْمٌ؛ أَي أصلٌ ومَطْلِع . والنَّجم من النَّبات : ما لم يكن له ساقٌ ، مِن نَجَمَ ، إذا طَلَعَ . والمِنْجَم في المِيزان : الحديدة المعترِضة التي فيها اللِّسان؛ وهو ذلك القياس .
نجه : النّون والجيم والهاء . كلمةٌ تدلُّ على كراهة في شيء . يقال : نَجَهْتُه ، إذا استقبَلْتَه بما يكرهُه ويَقْدَعُه عنك . ورجلٌ ناجِهٌ ، إذا دَخَلَ البلدَ فاسْتَنْكَرَه وكَرِهَه .
نجو : النّون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ ، يدلُّ أحدُهما على كَشْط وكشف ، والآخَر على سَتر وإخفاء .
فالأوّل : نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه ـ والجلد نَجاً ـ إذا كشَطْتَه . وقال :
ويقولون : هو في أرض نَجاة : يُسْتَنْجَى من شجرها العِصِيُّ . يقال للغُصُون النَّجا ، الواحدة نَجاة ، وأنْجِنِي عَصا . ونَجا الإنسانُ ينجو نَجاةً ، ونَجاءً في السُّرعة ؛ وهو معنى الذَّهاب والانكشاف من المكان . وناقةٌ ناجِية ونَجاةٌ : سريعة . ومن الباب وهو محمولٌ على ما ذكرناه من النّجاء : النَّجاة والنَّجْوة من الأرض ، وهي التي لا يَعْلُوها سَيْل . قال :
وإنّما قُلنا إنّه محمولٌ عليه لأنَّه كأنّه لمّا نَجا من السَّيل فكأنَّه الشَّيء الذي يَنجو من شيء بذَهاب عنه . فهذا معنى المحمول .
وقولهم : بيني وبينهم نَجاوَةٌ من الأرض؛ أَي سعة ، من الباب؛ لأنَّه مكان يُسرَعُ فيه ويُنْجَى . وفي الحديث : « إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا » ، يريد لا تُبطِئُوا في السير ، ولكن انكَشِفُوا ومُرُّوا .
ومن الباب النَّجْو : السَّحاب ، والجمع النِّجاء؛ وهو من انكشافِه لأنَّه لا يثبت .
قال ابن السِّكِّيت : أنْجَت السّحابةُ : ولّتْ . وقولهم : استَنْجَى فلانٌ ، قالوا هو من النَّجْوَة ، كأنَّ الإنسانَ إذا أرادَ قضاءَ حاجته أتى نَجوةً من الأرض تستره ، فقيل لمن أرادَ ذلك استنجى ، كما قالوا : تغوَّطَ ، أى أتي غائطاً .
ومن الباب نجَوْتُ فلاناً : استَنْكَهْتُه ، كأنّكَ أردتَ استكشافَ حالِ فيه . قال :
والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى : السِّرُّ بين اثنين . وناجَيْتُه ، وتناجَوْا ، وانتَجَوْا .وهو نَجِيُّ فلان ، والجمع أنْجِيَة . قال :
إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَهْ
يقول : نامَ القومُ وحَلُمُوا في نَومهم فكأَنَّهُم يناجُون أهلِيهم في النَّوْمِ ونَجَوْتُه : ناجَيْتُه . وانتجَيْتُه : اختصصته بمناجاتي . قال :
نحب : النّون والحاء والباء أصلانِ : أحدهما يدلُّ على نَذْر وما أشبَهَه من خَطَر أو إخطار شيء ، والآخر على صوت من الأصوات .
فالأوّل : النَّحْب : النَّذْر . وسار فلانٌ على نَحْب ، إذا جهد ، فكأنَّه خاطَرَ على شيء فَجدَّ . قـال :
كما سار عن إحدى يديه المُنَحِّبُ
أي المُخاطِر . وقد كان التَّنْحِيب في العرب ، وهو كالمخاطَرة ، تقول : إن كان كذا فلك عليَّ كذا وإلاّ فلي عليك . وجاء الإسلامُ بالنَّهْي عنه . ومنه ناحَبْتُه إلى فلان ، إذا حاكمتَه . والقياسُ فيهما واحد . وكذا النَّحْب : الموت ، كأنَّه نذْرٌ ينذُِرُهُ الإنسان يَلزَمُه الوفاءُ به ، ولا بُدَّ له منه .
والأصل الآخر النَّحيب : نحيبُ الباكِي ، وهو بكاؤُه مع صوت وإعوال . ومنه النُّحاب : سُعال الإبل . ونَحَب البعيرُ يَنْحَب .
نحت : النّون والحاء والتاء كلمة تدلُّ على بَحْرِ شيء وتسويتِه بحديدة . ونَحَتَ النَّجّار الخشبةَ نحتاً . والنَّحيتة : الطَّبيعة ، يريدون الحالةَ التي نُحِت عليها الإنسان ، كالغريزة التي غُرِز عليها الإنسان . وما سقط من المنحوت نُحاتَةٌ .
نحّ : النّون والحاء كلمةٌ يُحكَى بها صوت . فالتَّنحنُح معروف . و النَّحيح : صوت يردِّده الإنسان في جَوفه . وحكِيت كلمةٌ ما نَدرِي كيف صِحّتها . وليس لها قياس . يقولون : ما أنا بِنَحيح النَّفس عن كذا؛ أَي طيِّب النَّفسِ .
نحر : النّون والحاء والراء . كلمة واحدة يتفرّعُ منها كلماتُ الباب . هي النَّحْر للإنسانِ وغيره ، والجمع نُحور . والنَّحْر : البَزْل في النَّحْر . ونَحَرتُ البعيرَ نَحْراً والنّاحِران : عِرْقان في صَدر الفَرَس . ودائرة النّاحر تكون في الجران إلى أسفَلَ من ذلك . وانتَحَروا على الشَّيء : تشاحُّوا عليه حِرصاً ، كأنَّ كلَّ واحد منهم يريد نَحرَ صاحبِه . ويقال : النَّحِيرة : آخرُ يوم من الشَّهر ، لأنَّه ينحر الذي يدخل ، وأظنّ معنى يَنحره يَلِي نَحْرَه . والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير ، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه ، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً ، كقولك : قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْماً .
نحز : النّون والحاء والزاء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على معنَى النَّخس والدّقّ ، والآخر على امتداد في شيء .
فالأوّل النَّحْز : النَّخْس . ونَحَزه نَحْزاً . والراكب يَنْحَزُ بصدره واسِطةَ الرَّحْل . ونحَزْتُ النّاقةَ برِجلي : ركلتُها . والنّاحز : أن يصيب المِرفَقُ كركرةَ البعير ، يقال به ناحِز . والنُّحاز : داءٌ يأخذ الإبل في رِئاتها . والقياس فيهما واحد .
ومن الباب : نَحَز الشَّيءَ : دقَّه . والمِنحاز : شيءٌ يُدَقُّ فيه الأشياء .
والأصل الآخر : النَّحِيزة : طِبَّةٌ تكونُ في الأرض ممتدّة كالفَرسَخ . والنّحائز : نَسائِجُ كالحُزُم والشُّقَق العريضة ، تكون للرِّحال . ويقولون : النَّحيزة : طبيعة الإنسان . والذي نقوله أنَّ النَّحيزة على معنى التَّشبيه ، وإنَّما يُراد بها الحال التي كأنّه نُسِجَ عليها ، فيقولون : هو ضعيفُ النَّحيزة؛ أَي هذه الحالُ منه ضعيفة .
نحس : النّون والحاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خِلاف السَّعد ونُحِسَ هو فهو مَنحوس . والنُّحاس : الدُّخان لا لهَبَ فيه . قال :
شياطين يُرمَى بالنُّحاسِ رَجيمُها
والنُّحاس من هذه الجواهرِ كأنّه لمّا خالف الجواهَر الشَّريفَةَ كالذَّهب والفِضّة سُمِّي نُحاساً . هذا على وجه الاحتمال . ويقال : يومٌ نَحْسٌ ويومٌ نَحِسٌ . وقرئ : ) فِي أَيّام نَحِسات ( ، و ) نَحْسات ( . ويحتمل أنَّ النُّحاس : الأصل ، على ما ذكره بعضهم ، ولمّا كان أصلاً لكثير من الجواهر قيل لمبلغ أصلِ الشَّيء نُحاس .
نحص : النّون والحاء والصّاد كلمةٌ واحدة ، هي النَّحُوص : الأتان الحائل في شعر امرئ القيس . قال :
نحض : النّون والحاء والضّاد كلمةٌ واحدة ، وهي اللَّحْم . يقال لِلَّحْم نَحْض . وامرأةٌ نَحِيضة : كثيرة اللَّحم ، فإذا ذَهَب لحمها فمَنحوضَة ، من قولهم : نحضْتُ العَظْم : أخذْتُ ما عليه من لَحم ويقولون : نحَضْت السِّنانَ : رقّقته ، كأنَّك لما رقَّقته أخذت عنه نَحضَه .
نحط : النّون والحاء والطاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت . من ذلك النَّحِيط كالزَّفير . والنَّحّاط : الرّجل المتكبِّر ينحطُ من الغَيظ . والنَّحْطة : داءٌ يأخذ الإبل في صَدرها تَنحَطُ منه فلا تكاد تَسلم مَعَه .
نحف : النّون والحاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على دِقّة وذُبول . نحو نَحُف الرّجُل نحافةً فهو نحيف ، إذا قلَّ لحمُه وهُزِل . وهُم نِحافٌ .
نحل : النّون والحاء واللام كلماتٌ ثلاث : الأُولى تدلُّ على دِقّة وهُزال ، والأُخرى على عطاء ، والثالثة على ادِّعاء .
فالأُولى نَحَلَ جِسمُه نُحولاً فهو ناحل ، إذا دقَّ ، وأنْحلَه الهَمُّ . والنَّواحل : السُّيوف التي رَقَّت ظُباتُها من كثرة الضَّرْب بها .
والثانية : نَحلْتُه كذا؛ أَي أعطيتُه . والاسم النُّحْل . قال أبو بكر : سمِّي الشَّيء المُعطَى النُّحْلان . ويقولون : النُّحْل : أن تُعطِيَ شيئاً بلا اسْتِعواض . ونَحَلْتُ المرأةَ مَهْرَها نِحلةً؛ أَي عن طِيب نَفْس من غير مطالَبة . كذا قال المفسِّرون في قوله تعالى : ) وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً (النساء : 4 .
والثالثة قولهم : انْتحَلَ كذا ، إذا تعاطاه وادَّعاه . وقال قوم : انتحلَه ، إذا ادّعاه مُحِقّاً؛ وتَنَحَّله ، إذا ادَّعاه مُبطِلاً . وليس هذا عندنا بشيء . ومعنى انتحل وتَنحَّل عندنا سواء . والدليل على ذلك قولُ الأعشى :
نحو : النّون والحاء والواو كلمةٌ تدلُّ على قصد . ونحوْتُ نَحْوَه . ولذلك سمِّي نَحْوُ الكلام ، لأنَّه يَقصِد أُصول الكلام فيتكَلَّمُ على حَسَب ما كان العرب تتكلَّم به . ويقال : إنّ بني نَحْو : قومٌ من العرب . وأمّا أهل المَنْحاةِ فقد قيل : القَوم البُعَداء غيرُ الأقارب .
ومن الباب : انتحَى فلانٌ لفلان : قَصَدَه وعَرَضَ له .
نحى : النّون والحاء والياء كلمةٌ واحدة ، هي النِّحْي : سِقاء السَّمْن .
نخب : النّون والخاء والباء كلمةٌ تدلُّ على تَعظُّم يقال أحدهما على خيار شيء ، والآخَر على ثَقْب وهَزْم في شيء .
فالأوَّل النُّخْبة : خيارُ الشَّيء ونُخَبتُه . وانتخبته ، وهو مُنتَخَبٌ أي مختار . قال أبو زيد : النَّخبة : الشَّربة العظيمة .
والأصل الآخر النُّخبة : خَرق الثَّفْر . ومنه نَخَبها : باضَعَها . واستَنْخَبَت المرأةُ ، إذا أرادت البِضاع . والرَّجُل النَّخْب : الذي لا فؤادَ له . والنَّخِيب : الذاهب العقل . وهذا محتملٌ أن يكون من الأوَّل ، كأنّه حُرِم النُّخبة؛ أَي خيار ما في الإنسان .
نخج : النّون والخاء والجيم كلمةٌ واحدة . يقولون : النَّخْج : السَّيْل ينخج في سَنَد الوادي حتّى يَجرُف . ويُقاس على هذا فيقال : ناخَجَها ، إذا جامَعَها .
نخّ : النّون والخاء أصلٌ صحيحٌ ، غير أنَّه مُخْتَلفٌ في تأويله ، وهو النُّخَّة في حديث النّبيِّ (صلى الله عليه وآله) : « ليس في الجَبْهة ولا في النَّـُخّة صدقة » . قالوا : النَّخَّة : الرَّقيق . وقال الفرّاء : النّخّة أن يأخذ المصَدِّق ديناراً بعد فَراغه من الصَّدقةِ لنفسه . واللَّفظ لا يقتضي هذا ، ولعلّ اللَّفظ الذي رواه الفراء : « ولا نَخّة » . وأنشد :